responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 385
سَوَاءٌ بَلْ لِيَصِيرَ غَنِيًّا فَيَصِيرَ أَهْلًا لِلْإِغْنَاءِ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَلَا حَدَّ لَهُ فَقَدَّرَهُ الشَّرْعُ بِالنِّصَابِ، وَكَذَا الْكَفَّارَةُ وَجَبَتْ بِهَذِهِ الْقُدْرَةِ لِدَلَالَةِ التَّخْيِيرِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196] وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْعَجْزَ فِي الْعُمْرِ؛ لِأَنَّ ذَا يُبْطِلُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فَالْمُرَادُ الْعَجْزُ الْحَالِيُّ مَعَ احْتِمَالِ الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ: تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ الْمُقَارِنَةُ لِلْأَدَاءِ.
(كَالِاسْتِطَاعَةِ مَعَ الْفِعْلِ) أَيْ: الْقُدْرَةُ التَّامَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تُقَارِنُ الْفِعْلَ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا فَالْقُدْرَةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الْكَفَّارَةِ قُدْرَةٌ كَذَلِكَ أَيْ: مُقَارِنَةٌ لِأَدَاءِ الْكَفَّارَةِ لَا سَابِقَةٌ وَلَا لَاحِقَةٌ.
(وَذَا دَلِيلُ الْيُسْرِ) أَيْ: اشْتِرَاطُ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْمُقَارِنَةِ دَلِيلُ الْيُسْرِ.
(فَيُشْتَرَطُ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ) أَيْ: يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْقُدْرَةِ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ حَتَّى إنْ تَحَقَّقَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَوَجَبَ الْإِعْتَاقُ، ثُمَّ إنْ لَمْ تَبْقَ الْقُدْرَةُ يَسْقُطُ الْإِعْتَاقُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَتَّصِلْ بِالْأَدَاءِ عُلِمَ أَنَّ الْقُدْرَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكْفِي مِلْكُ قَدْرِ الْمُؤَدَّى، فَكَيْفَ يَكُونُ وُجُودُ النِّصَابِ مِنْ شَرَائِطِ التَّمَكُّنِ وَرَاجِعًا إلَى الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ عَلَى أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْقُدْرَةَ الْمُمَكِّنَةَ بِسَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ، وَالنِّصَابُ لَيْسَ مِنْهَا، وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْقَوْمِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا النِّصَابَ مِنْ الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ بَلْ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَحُصُولِ الْأَهْلِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِغْنَاءِ لَا مِنْ شَرَائِطِ الْيُسْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ الْوَاجِبَ مِنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ؛ لِأَنَّ إيتَاءَ الْخَمْسَةِ مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَإِيتَاءَ الدِّرْهَمِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ سَوَاءٌ فِي الْيُسْرِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَنِسْبَةُ رُبُعِ الْعُشْرِ إلَى كُلِّ الْمَقَادِيرِ سَوَاءٌ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ إيتَاءُ الدِّرْهَمِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَيْسَرَ مِنْ إيتَاءِ الْخَمْسَةِ مِنْ الْمِائَتَيْنِ، وَإِذَا كَانَ النِّصَابُ شَرْطَ الْوُجُوبِ لَا شَرْطَ الْيُسْرِ لَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهُ لِبَقَاءِ الْوُجُوبِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ النِّصَابِ عِنْدَ هَلَاكِ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي وَاجِبٍ وَاحِدٍ لَا يَتَكَرَّرُ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُ شَرْطِهِ، فَإِنْ قِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَسْقُطَ الزَّكَاةُ بِهَلَاكِ جَمِيعِ النِّصَابِ قُلْنَا: إنَّمَا تَسْقُطُ لِفَوَاتِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفُ النَّمَاءِ لَا لِفَوَاتِ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ، وَلِهَذَا لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ بَعْضِ النِّصَابِ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الْبَعْضِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ، مَا قِيلَ إنَّ تَفْرِيعَ قَوْلِهِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَلَاكِ النِّصَابِ عَلَى قَوْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ النِّصَابَ مِنْ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِيعِ.
1 -
(قَوْلُهُ: «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» ) أَيْ: إلَّا صَادِرَةً عَنْ غِنًى، وَالظَّهْرُ مُقْحَمٌ كَمَا فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ وَظَهْرِ الْقَلْبِ أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْقُوَّةِ إذْ الْمَالُ لِلْغَنِيِّ بِمَنْزِلَةِ الظَّهْرِ الَّذِي عَلَيْهِ اعْتِمَادُهُ، وَإِلَيْهِ اسْتِنَادُهُ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْغِنَى لِأَهْلِيَّةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَارَةً بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ لَا لِنَفْيِ الْوُجُودِ إذْ كَثِيرًا مَا تُوجَدُ الصَّدَقَةُ عَنْ الْفَقِيرِ، وَتَارَةً بِالْمَعْقُولِ، وَهُوَ أَنَّ الزَّكَاةَ إغْنَاءٌ لِلْفَقِيرِ، وَلَا يَصِيرُ الْمَرْءُ أَهْلًا لِلْإِغْنَاءِ إلَّا بِالْغِنَى كَمَا لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ إلَّا

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست