يؤذون الله) أي أولياء الله، وذلك كله مجاز لأنه استعمال اللفظ في غير موضعه ومن منع فقد كابر ومن سلم وقال لا أسميه مجازاً فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه، معنى كلامه واضح ظاهر.
واعلم أن ممن منع القول بالمجاز في القرآن ابن خويز منداد من المالكية وأبا الحسن الخرزي البغدادي الحنبلي وأبا عبد الله بن حامد وأبا الفضل التميمي وداوود بن علي وابنه أبا بكر ومنذر بن سعيد البلوطي وألف فيه مصنفاً، وقد بينا أدلة منعه في القرآن في رسالتنا المسماة منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والاعجاز ومن أوضح الادلة في ذلك أن جميع القائلين بالمجاز متفقون على أن من الفوارق بينه وبين الحقيقة أن المجاز يجوز نفيه باعتبار الحقيقة، دون الحقيقة فلا يجوز نفيها، فتقول لمن قال رأيت أسداً على فرسه، هو
ليس بأسد وانما هو رجل شجاع، والقول في القرآن بالمجاز يلزم منه أن في القرآن ما يجوز نفيه، وهو باطل قطعاً، وبهذا الباطل توصل المعطلون إلى نفي صفات الكمال والجلال الثابتة لله تعالى في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، بدعوى أنها مجاز كقولهم في استوى استولى. وقس على ذلك غيره، من نفيهم للصفات عن طريق المجاز. أما الآيات التي ذكرها المؤلف فلا يتعين في شيء منها أنه مجاز.
أما قوله: " واخفض لهما جناح الذل " فليس المراد به أن للذل جناحاً وان كان كلام العلامة ابن القيم رحمه الله يقتضيه، وظن أبو تمام أنه معنى الآية لما قيل له صب في هذا الاناء من ماء الملام يعني قوله:
لا تسقني ماء الملام فانني ... صب قد استعذبت مات بكائي
فقال هات ريشة من جناح الذل، حتى أصب لك من ماء الملام، بل المراد بالآية الكريمة كما يدل عليه كلام جماعة أهل التفسير أنها من اضافة