الموصوف إلى صفته، أي واخفض لهما جناحك الذليل لهما من الرحمة، ونظيره من كلام العرب قولهم حاتم الجود، أي الموصوف
بالجود ووصف الجناح بالذل مع أنه صفة الانسان لأن البطش يظهر برفع الجناح، والتواضع واللين يظهر بخفضه، فخفضه كناية عن لين الجانب كما قال:
وأنت الشهير بخفض الجناح ... فلا تك برفعه أجدلا
وأنت الشهير بخفض الجناح ... فلا تك برفعه أجدلا
ونظيره في القرآن " مطر السوء" وعذاب الهون" أي المطر الموصوف بأنه يسوء من وقع عليه، والعذاب الموصوف بوقوع الهون على من نزل به، واضافة صفة الانسان لبعض أجزائه أسلوب من أساليب اللغة العربية كما قال هنا جناح الذل، مع أن الذليل صاحب الجناح، ونظيره قوله تعالى: " ناصية كاذبة
خاطئة " والمراد صاحب الناصية التي هي مقدم شعر الرأس، وقوله تعالى " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة " مع أن تلك الصفات لأصحاب الوجوه وقوله تعالى " واسأل القرية" فيه حذف مضاف، وحذف المضاف واقامة المضاف إليه مقامه، أسلوب من أساليب اللغة معروف، عقده في الخلاصة بقوله:
وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الاعراب إذا ما حذفا
والمضاف المحذوف مدلول عليه بدلالة الاقتضاء، وهي عند جماهير الأصوليين، دلالة الالتزام وليست من المجاز عندهم، كما هو معروف في محله، وقوله "جداراً يريد أن ينقض " لا مجاز فيه، اذ لا مانع من حمل الارادة في الآية على حقيقتها لان للجمادات ارادات حقيقية يعلمها الله جل وعلا، ونحن لا نعلمها ويوضح ذلك حنين الجذع الذي كان يخطب عليه - صلى الله عليه وسلم - لما تحول عنه إلى المنبر، وذلك الحنين ناشئ عن ارادة يعلمها الله تعالى وقد ثبت في صحيح