responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 85
إلَى أَرْضِهِ: بِمَا سَبَقَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ.

، وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّارَ فَأَعَدَّهَا دَارَ خُلُودٍ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ، وَأَلْحَدَ فِي آيَاتِهِ وَكُتُبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ خَلِيفَتُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخَلَفِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ أَيْ مِنْ الْإِنْسِ؛ لِأَنَّ آدَمَ أَبُو الْبَشَرِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَقَوْلُ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ: كَانَ قَبْلَ آدَمَ سَبْعُ أُمَمٍ يَتَعَيَّنُ فَهْمُهُ عَلَى ذَلِكَ رَاجِعٌ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] . فَإِنَّهُمْ بَنُو الْجَانِّ فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا أَفْسَدُوا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَطَرَدُوهُمْ إلَى الْجَزَائِرِ وَالْجِبَالِ رَاجِعِ التَّفْسِيرَ، وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُوُفِّيَ سَبْعُونَ أُمَّةً قَبْلهَا هِيَ آخِرُهَا» فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَصَدَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ آدَمَ الَّذِي أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ لَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ لِلَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ لَيْسَ بِنَبِيٍّ كَانَ فِي حَدِيقَةٍ لَهُ عَلَى رَبْوَةٍ أَيْ مَحَلٍّ مُرْتَفِعٍ فَعَصَى فِيهَا فَأُهْبِطَ مِنْهَا، فَنَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجَنَّةُ الَّتِي هِيَ دَارُ الثَّوَابِ، وَآدَمُ هُوَ أَبُو الْبَشَرِ، فَيَجُوزُ فِي نَبِيِّهِ وَخَلِيفَتِهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ عَلَى حُكْمِ مَا سَبَقَ فِي آدَمَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَصِلَةُ أُهْبِطَ (إلَى أَرْضِهِ) وَكَذَا قَوْلُهُ: (بِمَا سَبَقَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ) فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِأُهْبِطَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ آدَمَ مِنْ الْجَنَّةِ إلَى الْأَرْضِ بِسَبَبِ حُصُولِ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ الْقَدِيمِ مِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي الْأَكْلِ مِنْ الشَّجَرَةِ. فَقَوْلُهُ: فِي سَابِقِ عِلْمِهِ صِلَةٌ لَسَبَقَ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ عِلْمُهُ السَّابِقُ، وَهَذَا سَبْقُ حُكْمٍ وَمَرْتَبَةٍ لَا سَبْقُ زَمَانٍ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ قَدِيمٌ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ وَلَا تَرْتِيبَ فِي تَعَلُّقِ عِلْمِهِ، بَلْ عِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِسَائِرِ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا قَدِيمًا، وَالْهُبُوطُ يَكُونُ مَعْنَوِيًّا وَحِسِّيًّا، فَالْحِسِّيُّ يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَعْنَوِيُّ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ الِانْحِطَاطُ فِي الرُّتْبَةِ، وَهُبُوطُ آدَمَ حِسِّيٌّ وَهُوَ رُقِيٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ ازْدَادَ بِهِ قَدْرُهُ بِسَبَبِ النُّبُوَّةِ وَحُصُولِ الذُّرِّيَّةِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ تِلْكَ الذُّرِّيَّةِ وَهُوَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ وَسَائِرُ الصَّالِحِينَ، فَإِهْبَاطُهُ مِنْهَا لَيْسَ طَرْدًا بَلْ لِقَضَاءِ أَوْطَارِهِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا، قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: فَكَانَ مُرَادُ الْحَقِّ مِنْ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْأَكْلَ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ لِيُنْزِلَهُ إلَى الْأَرْضِ وَيَسْتَخْلِفَهُ فِيهَا، فَكَانَ هُبُوطًا فِي الصُّورَةِ رُقِيًّا فِي الْمَعْنَى.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَاَللَّهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آدَمَ إلَى الْأَرْضِ وَاسْتَخْلَفَهُ فِيهَا لِتَنْقِيصِهِ وَإِنَّمَا أَنْزَلَهُ لِيَجْعَلَ لَهُ الْمَزِيَّةَ حَتَّى عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِتَعْلِيمِهِمْ وَالْقِيَامِ بِوَظَائِفِ التَّكْلِيفِ، فَكَمَّلَ فِي آدَمَ الْعُبُودِيَّتَانِ: عُبُودِيَّةَ التَّعْرِيفِ وَعُبُودِيَّةَ التَّكْلِيفِ، فَعَظُمَتْ مِنَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَتَوَفَّرَ إحْسَانُهُ إلَيْهِ.
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِبْلِيسُ لَعَنْهُ اللَّهُ، فَجَمِيعُ الْبَشَرِ مِنْ آدَمَ وَجَمِيعُ الْجِنِّ مِنْ إبْلِيسَ، وَكَانَ لَإِبْلِيسَ سَبْعَةُ أَوْلَادٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ حِرْفَةٌ مِنْ حِرَفِ السُّوءِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَكَالدُّخُولِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ بِالرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ، وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَا مِنْهُ وِلَادَةُ إبْلِيسَ هَلْ مِنْ زَوْجِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقِيلَ وُلِدَ لَهُ مِنْ حَوَّاءَ أَرْبَعُونَ بَطْنًا فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، وَكَانَ يُزَوِّجُ ذَكَرَ هَذَا الْبَطْنِ لِأُنْثَى الْأُخْرَى، فَمَا مَاتَ حَتَّى بَلَغَتْ ذُرِّيَّتُهُ مِائَةَ أَلْفٍ مَاتُوا جَمِيعًا إلَّا شِيثًا، وَخَرَجَ مِنْ شِيثٍ ذُرِّيَّةٌ كَثِيرَةٌ إلَّا نُوحًا، وَخَرَجَ مِنْ نُوحٍ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ وَهُمْ الَّذِينَ أَعْقَبُوا، فَسَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَالْفُرْسِ وَالرُّومِ، وَحَامٌ أَبُو السُّودَانِ، وَيَافِثُ أَبُو التُّرْكِ وَالْخَزْرَجِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمَا هُنَالِكَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا هَبَطَ نُوحٌ مِنْ السَّفِينَةِ لِعِمَارَةِ الْأَرْضِ نَامَ ذَاتَ يَوْمٍ فَبَدَتْ عَوْرَتُهُ فَنَظَرَ إلَيْهَا حَامٌ فَضَحِكَ وَلَمْ يَسْتُرْ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَى ذَلِكَ سَامٌ فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ وَغَطَّى عَوْرَةَ أَبِيهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَدَعَا وَلَدَهُ حَامًا فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ غَيَّرَ اللَّهُ مَاءَ صُلْبِك فَلَا يَلِدُ غَيْرَ السُّودَانِ السِّنْدِ وَالْهِنْدِ وَالنُّوبَةِ، وَقَوْلُنَا إلَّا شَيْئًا الْمُرَادُ وَزَوْجُهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي نُوحٍ.
الثَّانِي: اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ حَمْلِ حَوَّاءَ فَقِيلَ كَغَيْرِهَا وَقِيلَ كَانَتْ أَقَلَّ، كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْوَطْءِ فَقِيلَ مَا حَصَلَ مِنْ آدَمَ إلَّا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ هُبُوطِهِ مِنْ الْجَنَّةِ وَالْمُعَلِّمُ لَهُ جِبْرِيلُ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: شَارَكَ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْهُبُوطِ مِنْ الْجَنَّةِ حَوَّاءُ وَإِبْلِيسُ وَالْحَيَّةُ، فَإِنَّ إبْلِيسَ كَانَ مِنْ خَزَنَةِ الْجَنَّةِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ أَبُو الْجِنِّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا عَصَا مُوسَى فَإِنَّهَا كَانَتْ مَعَ آدَمَ فَهَبَطَتْ مَعَهُ فَتَنَاوَلَتْهَا ذُرِّيَّتُهُ حَتَّى وَصَلَتْ مُوسَى وَهِيَ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَخَرَجَ بِهِ مِنْ الْجَنَّةِ وَتَنَاوَلَتْهُ ذُرِّيَّتُهُ حَتَّى وَصَلَ لِسُلَيْمَانَ، وَالْحَجَرُ الْأَسْوَدُ كَانَ مِنْ جَوَاهِرِ الْجِنَانِ فَأَخَذَهُ آدَم فَصَارَ حَجَرًا وَهَبَطَ مَعَهُ وَصَارَ فِي أَرْكَانِ الْكَعْبَةِ، وَالْعُودُ الَّذِي مِنْهُ الطِّيبُ، وَوَرَقُ التِّينِ الَّذِي سَتَرَ سَوْأَتَيْهِمَا حِين بَدَتَا فَنَزَلَ مَعَهُمَا.

(وَ) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْجَنَّةَ دَارَ إقَامَةٍ لِأَوْلِيَائِهِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ خَلَقَ أَيْضًا النَّارَ دَارَ خُلُودٍ لِأَعْدَائِهِ فَقَالَ: (إنَّ اللَّهَ)

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست