responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 86
وَرُسُلِهِ، وَجَعَلَهُمْ مَحْجُوبِينَ عَنْ رُؤْيَتِهِ.

وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا: لِعَرْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَالَى (خَلَقَ النَّارَ) الْمُرَادُ دَارُ الْعَذَابِ بِجَمِيعِ طِبَاقِهَا السَّبْعِ الَّتِي أَعْلَاهَا جَهَنَّمُ وَتَحْتَهَا لَظًى، ثُمَّ الْحُطَمَةُ ثُمَّ السَّعِيرُ ثُمَّ سَقَرُ ثُمَّ الْجَحِيمُ ثُمَّ الْهَاوِيَةُ، وَبَابُ كُلٍّ مِنْ دَاخِلِ الْأُخْرَى عَلَى الِاسْتِوَاءِ، وَبَيْنَ أَعْلَى جَهَنَّمَ وَأَسْفَلِهَا سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ، وَحَرُّهَا هَوَاهُ مُحْرِقٌ وَلَا جَمْرَ لَهَا سِوَى بَنِي آدَمَ وَالْأَحْجَارُ الْمُتَّخَذَةُ آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ هَذِهِ النَّارَ الَّتِي فِي الدُّنْيَا مَا أَخْرَجَهَا اللَّهُ إلَى النَّاسِ مِنْ جَهَنَّمَ حَتَّى غُسِلَتْ فِي الْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا مِنْ حَرِّهَا وَكَفَى بِهَذَا زَاجِرًا. (فَأَعَدَّهَا) أَيْ هَيَّأَهَا (دَارَ خُلُودٍ) عَلَى التَّأْبِيدِ (لِمَنْ كَفَرَ بِهِ) أَيْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهِ.
(وَ) لِمَنْ (أَلْحَدَ) أَيْ ارْتَابَ (فِي آيَاتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) وَمَلَائِكَتِهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ، وَالْمُرَادُ بِآيَاتِهِ الْمَخْلُوقَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُودِهِ تَعَالَى وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَتَمَامِ قُدْرَتُهُ وَالْإِلْحَادُ وَالْكُفْرُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ عَدَمُ التَّصْدِيقِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِآيَاتِهِ آيَاتُ كُتُبِهِ، وَالْإِلْحَادُ فِيهَا تَأْوِيلُهَا عَلَى خِلَافِ مَا تَأَوَّلَهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَعَطْفُ أَلْحَدَ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (وَجَعَلَهُمْ) أَيْ وَصَيَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ كَفَرَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ (مَحْجُوبِينَ) أَيْ مَمْنُوعِينَ وَمَطْرُودِينَ (عَنْ رُؤْيَتِهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ قِيلَ وَكَذَا فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ يَرَوْنَهُ فِيهَا ثُمَّ يُحْجَبُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا حُجِبُوا عَنْ الرُّؤْيَةِ لِمَا أَنَّهَا إكْرَامٌ وَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: عَبَّرَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي هُنَا وَفِي قَوْلِهِ سَابِقًا خَلَقَ الْجَنَّةَ إشَارَةً إلَى وُجُودِهِمَا الْآنَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَأَنَّهُمَا لَا يَفْنَيَانِ فَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ:
وَالنَّارُ حَقٌّ أُوجِدَتْ كَالْجَنَّهْ ... فَلَا تَمِلْ لِجَاحِدٍ ذِي جِنَّهْ
دَارُ خُلُودٍ لِلسَّعِيدِ وَالشَّقِيّ ... مُعَذَّبٌ مُنَعَّمٌ مَهْمَا بَقِيَ
قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ - خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 106 - 107] {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] أَيْ غَيْرَ مَقْطُوعٍ، وَالْمُرَادُ بِالسَّعِيدِ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا، وَبِالشَّقِيِّ مَنْ اسْتَوْجَبَ النَّارَ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْقِيَاءِ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ كَالْعُصَاةِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ شَقُوا بِالْعِصْيَانِ، فَقَوْلُهُ: {إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107] أَيْ عَدَمَ خُلُودِهِ فَيُخْرِجُهُ مِنْهَا. وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَّ بَعْضَ السُّعَدَاءِ لَا يُخَلَّدُ فِي الْجَنَّةِ بَلْ يُفَارِقُهَا ابْتِدَاءً يَعْنِي أَيَّامَ عَذَابِهِ كَالْفُسَّاقِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ سُعِدُوا بِالْإِيمَانِ وَالتَّأْبِيدُ مِنْ مَبْدَأٍ مُعَيَّنٍ كَمَا يَنْتَقِضُ بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ فَكَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ، الثَّانِي: تَدْخُلُ فِيمَنْ كَفَرَ مِنْ الْجِنِّ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ مُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الْمَعَاصِي.
قَالَ تَعَالَى: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [هود: 119] وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا وَيُثَابُونَ فَيُنَعَّمُونَ فِيهَا بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ أَنَّهُمَا لَا يُدْخَلَانِ إلَّا بَعْدَ الْحِسَابِ ذَكَرَهُ عَقِبَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرُهُمَا عَنْهُ فَقَالَ: (وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ حَقِيقَةً (أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) أَيْ تَزَايَدَ وَتَكَاثَرَ خَيْرُهُ وَتَعَاظَمَ وَارْتَفَعَ قَدْرُهُ عَمَّا يَقُولُ الْجَاهِلُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (يَجِيءُ) الْمُرَادُ أَمْرُهُ أَوْ حَامِلُ أَمْرِهِ أَوْ الْمُرَادُ ظُهُورُ آثَارِ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ لِاسْتِحَالَةِ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْقَصْدُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْثِيلُ بِمَا يَظْهَرُ عِنْدَ حُضُورِ السُّلْطَانِ مِنْ تَعْظِيمِ هَيْبَتِهِ وَإِتْقَانِ سِيَاسَتِهِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ خَلْقِهِ. (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَهُوَ زَمَنُ انْقِرَاضِ الدُّنْيَا وَلِذَا يُقَالُ لَهُ الْيَوْمُ الْآخِرُ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَأَوَّلُهُ مِنْ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ إلَى اسْتِقْرَارِ الْخَلْقِ فِي الدَّارَيْنِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِيَامِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ فِيهِ، وَقِيَامِهِمْ بَيْنَ يَدَيْ خَالِقِهِمْ، وَقِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَهِيَ مَصْدَرُ قَامَ، وَدَخَلَتْهَا التَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي نَحْوِ عَلَّامَةٌ وَنَسَّابَةٌ (وَ) يَجِيءُ (الْمَلَكُ) أَيْضًا حَالَةَ كَوْنِهِ (صَفًّا صَفًّا) أَيْ صَفًّا بَعْدَ صَفٍّ فَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمَلَكِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ الِاصْطِفَافَ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ وَصَفًّا مَصْدَرٌ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ذِي الْحَالِ، فَهُوَ إمَّا عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمُشْتَقِّ أَيْ مُصْطَفِّينَ، أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ ذَوِي صُفُوفٍ وَتِلْكَ الْحَالُ مَنْوِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الِاصْطِفَافَ لَيْسَ مُقَارِنًا

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست