responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 87
الْأُمَمِ وَحِسَابِهَا، وَعُقُوبَتِهَا، وَثَوَابِهَا.

، وَتُوضَعُ الْمَوَازِينُ لِوَزْنِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ؛ فَأُولَئِكَ هُمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمَجِيءِ بَلْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ صَفًّا الثَّانِي تَأْكِيدًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الصُّفُوفَ مُتَعَدِّدَةٌ لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ، وَتَكُونُ الْخَلْقُ إذْ ذَاكَ عَلَى الصِّرَاطِ يَأْمُرُهَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمْتَدَّ كَالْأَدِيمِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، فَيَنْزِلُ الْخَلَائِقُ مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَتَجْتَمِعُ فِيهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْزِلُ مَلَائِكَةُ سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَصْطَفُّونَ وَيَحْتَاطُونَ بِالْخَلَائِقِ صَفًّا أَوَّلًا ثُمَّ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَهَكَذَا بِعَدَدِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، ثُمَّ بَعْدَ تَنَاهِي الصُّفُوفِ السَّبْعِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: 33] أَيْ بِحَجَّةٍ، وَخَالَفَ لَفْظَ الْقُرْآنِ فِي تَعْبِيرِهِ بِيَجِيءُ لِمُطَابَقَةِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْمَاضِي فِي الْآيَةِ عَلَى مَعْنَى الْمُضَارِعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الِاقْتِبَاسِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ التَّغْيِيرُ الْيَسِيرُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ، وَالْمَلَكُ مُفْرَدُ الْمَلَائِكَةِ وَهُمْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ نُورَانِيَّةٌ أَعْطَاهَا اللَّهُ قُدْرَةَ التَّشَكُّلِ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ كَامِلَةٍ فِي الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الشَّاقَّةِ، شَأْنُهَا الطَّاعَاتُ وَمَسْكَنُهَا السَّمَوَاتُ رُسُلُ اللَّهِ إلَى أَنْبِيَائِهِ وَأُمَنَاؤُهُ عَلَى وَحْيِهِ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ، وَكَثِيرًا مَا يُعِينُونَ النَّاسَ عَلَى الْأَفْعَالِ الشَّاقَّةِ كَالْغَلَبَةِ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَكَالطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ وَالْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ، بِخِلَافِ الشَّيَاطِينِ مِنْ الْجِنِّ فَإِنَّهُمْ مِنْ النَّارِ أَوْ الْهَوَاءِ وَإِنَّمَا يُعِينُونَ عَلَى الشَّرِّ، وَصِلَةُ يَجِيءُ قَوْلُهُ: (لِعَرْضِ الْأُمَمِ) عَلَيْهِ تَعَالَى لِيَنْظُرَ فِي أَحْوَالِهَا.
وَرُوِيَ أَنَّهُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثَلَاثُ عَرْضَاتٍ: عَرْضَتَانِ لِلِاعْتِذَارِ وَالِاحْتِجَاجِ وَالتَّوْبِيخِ وَالثَّالِثَةُ فِيهَا نَشْرُ الْكُتُبِ، فَيَأْخُذُ الْفَائِزُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَالْهَالِكُ يَأْخُذُهُ بِشِمَالِهِ، وَالْأُمَمُ جَمْعُ أُمَّةٍ وَهِيَ طَوَائِفُ الْمَخْلُوقِينَ بِنَاءً عَلَى بَعْثِ كُلِّ مَخْلُوقٍ أَوْ خُصُوصِ مَنْ يُحَاسَبُ مِنْ الثَّقَلَيْنِ.
(وَحِسَابِهَا وَعُقُوبَتِهَا وَثَوَابِهَا) فَإِنَّ بَعْضَ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ الثَّوَابُ يَخْتَصُّ بِالثَّقَلَيْنِ، وَاخْتَصَّ الْحِسَابُ بِتِلْكَ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا أَضْيَقُ الْأَحْوَالِ بِاحْتِيَاطِ الْمَلَائِكَةِ بِهِمْ سَبْعَ صُفُوفٍ لَا يَسْتَطِيعُ ذُو الْبَطْشِ مِنْهُمْ الْهُرُوبَ نَسْأَلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ، وَعَطْفُ الْحِسَابِ وَمَا بَعْدُهُ عَلَى الْعَرْضِ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْحِسَابِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْك أَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّ مُحَاسَبَةَ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ لَيْسَتْ لِلْإِحَاطَةِ بِجَرَائِمِهِ الَّتِي يُعَاقَبُ عَلَيْهَا وَالْحَسَنَاتِ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ بَلْ {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] إنَّمَا ذَلِكَ لِلتَّخْوِيفِ بِإِفْشَاءِ الْحَالِ بِإِظْهَارِ تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ أَرْبَابِ الْكَمَالَاتِ وَفَضِيحَةِ أَرْبَابِ الضَّلَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُقُوبَةَ وَالْإِثَابَةَ نَاشِئَتَانِ عَنْ الْحِسَابِ وَمُرَتَّبَتَانِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَعَظَائِمُ الْعَرْضِ عَلَى الرَّبِّ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يُذِيبُ الْأَكْبَادَ وَيَفِرُّ فِيهِ الْوَالِدُ مِنْ بَنِيهِ وَالْأَخُ مِنْ أَخِيهِ وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْقَلَقُ وَيَكْثُرُ فِيهِ الْعَرَقُ حَتَّى يَغُوصَ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَأَمَّا عَلَى ظَهْرِهَا فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَتَفَاوُتِهِمْ فِي الْمَرَاتِبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجَمُ بِعَرَقِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُوصُ بِنِصْفِهِ فِي عَرَقِهِ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ، يَوْمٌ تَشْهَدُ فِيهِ الْأَلْسُنُ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْجُلُودُ وَالْأَرْضُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالْحَفَظَةُ الْكِرَامُ وَتَتَغَيَّرُ فِيهِ الْأَلْوَانُ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَبِالْجُمْلَةِ الْعَرْضُ وَالْحِسَابُ وَشَدَائِدُهُمَا مَعْلُومَةٌ لَا يُنْكِرُهَا إلَّا مُلْحِدٌ، فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُحَافَظَ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ لَعَلَّ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ الْمُهْلِكَاتِ.
1 -
تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ الْحِسَابِ بِالْمُكَلَّفِ لِقَوْلِهِ وَعُقُوبَتُهَا، وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا اللَّقَانِيُّ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي حِسَابِ الْأَطْفَالِ وَالْبُلْهِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْفَتْرَةِ وَوَقَعَ التَّوَقُّفُ فِي الْعَرْضِ هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يُحَاسَبُ كَالسَّبْعِينَ أَلْفًا أَوْ لَا يُعْرَضُ إلَّا مَنْ يُحَاسَبُ؟ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَالْعَرْضُ أَخَصُّ مِنْ الْحَشْرِ، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ إنَّ الْبَهَائِمَ تُحْشَرُ، وَوَقَعَ خِلَافٌ فِيمَا يُدْعَى بِهِ الشَّخْصُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُدْعَى بِأَبِيهِ وَلَوْ مِنْ زِنًى، وَقِيلَ يُدْعَى بِأُمِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانَةَ سَتْرًا لِوَلَدِ الزِّنَا.
1 -
الثَّانِي: الْحِسَابُ لُغَةً الْعَدَدُ وَاصْطِلَاحًا تَوْقِيفُ اللَّهِ عِبَادَهُ قَبْلَ الِانْصِرَافِ مِنْ الْمَحْشَرِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ خَيْرًا كَانَتْ أَوْ شَرًّا، تَفْصِيلًا لَا بِالْوَزْنِ إلَّا مَنْ اسْتَثْنَى مِنْهُمْ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى مُحَاسَبَتِهِ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ فِيهِمْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِمَقَادِيرِ أَعْمَالِهِمْ، وَثَانِيهَا أَنْ يُوقِفَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُؤْتِيَهُمْ كُتُبَ أَعْمَالِهِمْ، وَثَالِثُهَا أَنْ يُكَلِّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ فِي شَأْنِ أَعْمَالِهِمْ بِأَنْ يُسْمِعَهُمْ صَوْتًا يَخْلُقُهُ يَسْمَعُ مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَيْثُ يَفْهَمُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْحِسَابِ مُخْتَلِفَةٌ،

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست