responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 33
سَلَكْنَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ هَذَا الْمَسْلَكَ، لَكِنْ رَأَيْنَا أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي طُولًا، وَرُبَّمَا عَاقَ الزَّمَانُ عَنْهُ، وَأَنَّ الْأَحْوَطَ هُوَ أَنْ نَؤُمَّ الْغَرَضَ الْأَوَّلَ الَّذِي قَصَدْنَاهُ، فَإِنْ يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَكَانَ لَنَا انْفِسَاحٌ مِنَ الْعُمْرِ فَسَيَتِمُّ هَذَا الْغَرَضُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمَاءُ الَّذِي خَالَطَهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي تَنْفَكُّ مِنْهُ غَالِبًا مَتَى غَيَّرَتْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَمُطَهِّرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا لَمْ يَكُنِ التَّغَيُّرُ عَنْ طَبْخٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ خَفَاءُ تَنَاوُلِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لِلْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ أَمْثَالُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، (أَعْنِي: هَلْ يَتَنَاوَلُهُ أَوْ لَا يَتَنَاوَلُهُ؟) فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَإِنَّمَا يُضَافُ إِلَى الشَّيْءِ الَّذِي خَالَطَهُ فَيُقَالُ: مَاءُ كَذَا لَا مَاءٌ مُطْلَقٌ - لَمْ يُجِزِ الْوُضُوءَ بِهِ، إِذْ كَانَ الْوُضُوءُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ أَجَازَ بِهِ الْوُضُوءَ، وَلِظُهُورِ عَدَمِ تَنَاوُلِ اسْمِ الْمَاءِ لِلْمَاءِ الْمَطْبُوخِ مَعَ شَيْءٍ طَاهِرٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَكَذَلِكَ فِي مِيَاهِ النَّبَاتِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْهُ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ مِنْ إِجَازَةِ طُهْرِ الْجُمُعَةِ بِمَاءِ الْوَرْدِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الِاخْتِلَاطَ يَخْتَلِفُ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ، فَقَدْ يَبْلُغُ مِنَ الْكَثْرَةِ إِلَى حَدٍّ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ مِثْلَ مَا يُقَالُ مَاءُ الْغُسْلِ، وَقَدْ لَا يَبْلُغُ إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، وَبِخَاصَّةٍ مَتَى تَغَيَّرَتْ مِنْهُ الرِّيحُ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرِ الرِّيحَ قَوْمٌ مِمَّنْ مَنَعُوا الْمَاءَ الْمُضَافَ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمِّ عَطِيَّةَ عِنْدَ أَمْرِهِ إِيَّاهَا بِغَسْلِ ابْنَتِهِ: «اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ» فَهَذَا مَاءٌ مُخْتَلِطٌ وَلَكِن لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الِاخْتِلَاطِ بِحَيْثُ يُسْلَبُ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ اعْتِبَارُ الْكَثْرَةِ فِي الْمُخَالَطَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَأَجَازَهُ مَعَ الْقِلَّةِ وَإِنْ ظَهَرَتِ الْأَوْصَافُ، وَلَمْ يُجِزْهُ مَعَ الْكَثْرَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الطَّهَارَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقَوْمٌ لَمْ يُجِيزُوا الطَّهَارَةَ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَقَوْمٌ كَرِهُوهُ وَلَمْ يُجِيزُوا التَّيَمُّمَ مَعَ وُجُودِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَوْمٌ لَمْ يَرَوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَرْقًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ، وَشَذَّ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ إِنَّهُ نَجِسٌ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذَا أَيْضًا مَا يُظَنُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست