responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 34
غَلَا فَظَنَّ أَنَّ اسْمَ الْغُسَالَةِ أَحَقُّ بِهِ مِنِ اسْمِ الْمَاءِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَصْحَابُهُ يَقْتَتِلُونَ عَلَى فَضْلِ وُضُوئِهِ.
وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي بَقِيَ فِيهِ الْفَضْلُ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ ; لِأَنَّهُ فِي الْأَغْلَبِ لَيْسَ يَنْتَهِي إِلَى أَنْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِدَنَسِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تُغْسَلُ بِهِ، فَإِنِ انْتَهَى إِلَى ذَلِكَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الَّذِي تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ، وَإِنْ كَانَ هَذَا تَعَافُهُ النُّفُوسُ أَكْثَرَ، وَهَذَا لَحْظُ مَنْ كَرِهَهُ، وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ نَجِسٌ فَلَا دَلِيلَ مَعَهُ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى طَهَارَةِ أَسْآرِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ طَاهِرُ السُّؤْرِ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْخِنْزِيرَ فَقَطْ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَرْوِيَّانِ عَنْ مَالِكٍ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْخِنْزِيرَ وَالْكَلْبَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ السِّبَاعَ عَامَّةً، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَسْآرَ تَابِعَةٌ لِلُّحُومِ، فَإِنْ كَانَتِ اللُّحُومُ مُحَرَّمَةً فَالْأَسْآرُ نَجِسَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً فَالْأَسْآرُ مَكْرُوهَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً فَالْأَسْآرُ طَاهِرَةٌ.
وَأَمَّا سُؤْرُ الْمُشْرِكِ فَقِيلَ: إِنَّهُ نَجِسٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَكْرُوهٌ إِذَا كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ جَمِيعُ أَسْآرِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ غَالِبًا مِثْلَ الدَّجَاجِ الْمُخَلَّاةِ، وَالْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ، وَالْكِلَابِ الْمُخَلَّاةِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ.
وَالثَّانِي مُعَارَضَتُهُ لِظَاهِرِ الْآثَارِ.
وَالثَّالِثُ مُعَارَضَةُ الْآثَارِ بَعْضِهَا بَعْضًا فِي ذَلِكَ.
أَمَّا الْقِيَاسُ: فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَوْتُ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ هُوَ سَبَبَ نَجَاسَةِ عَيْنِ الْحَيَوَانِ بِالشَّرْعِ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ هِيَ سَبَبَ طَهَارَةِ عَيْنِ الْحَيَوَانِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكُلُّ حَيٍّ طَاهِرُ الْعَيْنِ، وَكُلُّ طَاهِرِ الْعَيْنِ فَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ.
وَأَمَّا ظَاهِرُ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ عَارَضَ هَذَا الْقِيَاسَ فِي الْخِنْزِيرِ وَالْمُشْرِكِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْخِنْزِيرِ: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] . وَمَا هُوَ رِجْسٌ فِي عَيْنِهِ فَهُوَ نَجِسٌ لِعَيْنِهِ، وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى قَوْمٌ مِنَ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ الْخِنْزِيرَ فَقَطْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ حَمَلَ قَوْلَهُ " رِجْسٌ " عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لَهُ.
وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَفِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَمَنْ حَمَلَ هَذَا

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست