الفرع الخامس: قضاء الاضطباع والرمل.
سبق بيان حكم الاضطباع والرمل في الطواف، فعلى قول الجمهور بمشروعيتهما واستحبابهما، فلا يترتب على تركهما فدية، ولا محذور. بل ترك للفضيلة. قال النووي: ” ولو ترك الاضطباع والرمل..، في الطواف، فطوافه صحيح، ولا إثم عليه، ولا دم عليه. ولكن فاتته الفضيلة. قال الشافعي والأصحاب: هو مسيء. يعنون إساءة لا إثم فيها” [1].
فهل يُشرع لمن تركهما في موضعهما، تدارك ذلك وقضاؤهما فيما بعد؟ ومتى يكون ذلك؟ هذا ما سأتناوله في المسألتين التاليتين:
المسألة الأولى: قضاء الاضطباع.
مضت الإشارة إلى اختلاف العلماء ـ رحمهم الله ـ في وقت الاضطباع. وهل هو في جميع الطواف، أو في الأشواط التي يُرمل فيها 2؟
ومضت الإشارة أيضاً إلى أن الاضطباع ملازم للرمل ومرتبط به، وأنه لا يعني عدم فعل أحدهما في موضعه لترك الآخر لعذر أو غيره [3].
وعلى ذلك: فمن ترك الاضطباع في بعض الأشواط لعذر، أو غيره، فإنه يُشرع له تداركه فيما بقي من الأشواط. قال الشافعي: “ فإن ترك الاضطباع في بعض السبع، اضطبع فيما بقي منه، وإن لم يضطبع بحال، كرهته له، كما أكره له ترك الرمل في الأطواف الثلاثة، ولا فدية عليه، ولا إعادة” [4].
وأما القائلون: إن الاضطباع ملازم للرمل في الأشواط الثلاثة، فيكون [1] المجموع 8/45. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الفرع الثالث، من المطلب الرابع.
2 في الفرع الأول من المطلب الخامس. [3] في التمهيد من هذا البحث. [4] الأم 2/174. وانظر: الحاوي 4/140.