وأن من قال بالرمل حسب طاقته وقدرته، فإنهم يتفقون مع هذا القول بأنه إن تعذّر الرمل، مشى على سجيّته، ولم يقولوا بالتحرك أثناء المشي. وإنما قيّدوا الرمل بقدر الاستطاعة، مستأنسين بالعمومات في هذا الباب، نحو قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [1]وقوله صلى الله عليه وسلم: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا} [2].
وقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم” [3]. وأن هذا نحو ما ذكره العلماء من استحباب إمرار الموسى على رأس من لا شعر له [4].
أمّا ما ذهب إليه أصحاب القول الثالث، من التحرك حال المشي، فالذي يظهر: ضعف هذا القول، لأن فيه تكلفاً لم تأت السنة به. وهل غير المستطيع للرمل في حاجة ـ وهو في هذه الحال ـ لأن يُري نفسه، أو غيره عدم قدرته على الرمل؟!
وإن كان النووي وغيره من علماء الشافعية قد نصوا على أن هذا القول قد نص عليه الشافعي. فقد نصّ على خلافه. فقال: “ رمل إذا أمكنه الرمل، ومشى إذا لم يمكنه الرمل، سجية مشيه. ولم أحب أن يثب من الأرض وثوب الرمل، وإنما يمشي مشياً”[5]. فهذا القول فيه موافقة لظاهر السنة، ويتفق مع أقوال المذاهب الأخرى. وهو الأحرى بالأخذ والاعتبار. والله أعلم بالصواب. [1] سورة التغابن، آية: 16. [2] سورة البقرة، آية: 286. [3] متفق عليه أخرجه البخاري في الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم “2” 8/142، ومسلم في الحج، باب فرض الحج مرة في العمر 9/100. من حديث أبي هريرة رضي الله عنهم. [4] انظر: المجموع 8/43. [5] الأم 2/175.