2 - إن التَّشبُّه بالنساء لا يكون تشبُّهاً إلا إذا انتفت به عن الرجل صفة من صفاته ودخل به في صفةٍ من صفات النساء، فمثلاً النساء يلبسن العقود والأساور والرجال لا يلبسونها، وهذا عام في كل زمن وكل قوم وكل شعب إلا ما كان من الأقوام البدائية التي لا يُؤبه بما تفعله، بحيث أن من يلبس العقود والأساور من الرجال فإنما يتخلى بلبسها عن صفة من صفات الرجال ويدخل في صفة ملازمة للنساء، فيكون لبس الأساور والعقود تشبُّهاً، في حين أن الاكتحال صفة مشتركة بين الرجال والنساء، فمن اكتحل لا يكون قد تشبَّه بالنساء، لأنه لم يترك صفة من صفات الرجال، وقُل مثل ذلك في حلق اللحية، فإنها صفة شائعة في الرجال، فمن حلق لا يكون قد تخلى عن صفة الرجال واتصف بصفة النساء، أي لا يكون متشبِّهاً بالنساء، ومَن تضمخ بالطيب فإنه يفعل فعلاً مشتركاً بين الرجال والنساء، فلا يكون المتطيِّب قد تشبَّه بالنساء، هكذا يجب أن يُفهم التَّشبُّه بالنساء. إن حلق اللحية صفة ملازمة من صفات الرجال قديماً وحديثاً، ولا يقول أحد إن الملايين من الرجال في العالم الذين يحلقون لحاهم يتشبَّهون بالنساء، بل إن قول رسول الله عليه الصلاة والسلام «خالفوهم» فيه دلالة على أنهم لم يكونوا قبل هذا الأمر يخالفونهم، بل كانوا يوافقونهم بحلق لحاهم، وكانوا رجالاً لا يتصفون أو يتشبَّهون بالنساء.
3 - وحيث أنه قد بان تماماً أن من يحلق لحيته لا يكون قد فارق صفة الرجال إلى صفة النساء، فقد بطل الدليل الأخير الذي استدل به الشيخ الألباني على حُرْمة حلق اللحية.