4- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال «سأَلَت الجنُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر ليلة لقيهم في بعض شعاب مكة الزاد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلُّ عظم يقع في أيديكم قد ذُكر اسمُ الله عليه أوفرُ ما يكون لحماً، والبعرُ يكون علفاً لدوابكم، فقال: إن بني آدم يُنَجِّسونه علينا، فعند ذلك قال: لا تستنجوا بروث دابَّة ولا بعظمٍ، إنه زاد إخوانكم من الجن» رواه الطَّحاوي. ففي هذه الأحاديث الدليل القوي الواضح على أن كلمة رِجس وكلمة ركس هنا لا تعنيان النجاسة، وأن علة منع الاستنجاء بالعظم وبالروث هي أنهما من طعام الجن وليس لأنهما نجستان.
القرآن الكريم استعمل كلمة رَكس بمعنى الردِّ والقلب، واستعمل كلمة رِجس بمعانٍ عدة يجمعها كلها كلمةُ سوء، والرسول عليه الصلاة والسلام حين أُتي بالروثة قال عنها:
أ- إنها رَكس، أي ردٌّ وقلبٌ، بمعنى أنها سترتدُّ وستنقلب، أي ستتحول من حال إلى حال. وجاءت الأحاديث الأخرى تبين ماهية التحول هذا، وأن ذلك يعني تحولَها من جديد إلى طعام أي سترتدُّ إلى حالها الأُولى من الغذاء. هذا هو معنى الردِّ والقلب كما جاء في معاجم اللغة، وكما جاء في استعمالات القرآن الكريم. فالقرآن الكريم والسنة الشريفة ومعاجم اللغة التقت كلُّها عند معنى واحد لكلمة رَكس، هو الارتداد والانقلاب إلى ما كان عليه من قبل. وإذا التقت هذه الثلاثة على معنى واحد لم يجُزْ لأحدٍ كأنناً مَن كان أن يخالف ذلك.