ب- إنها رِجس، ورِجس معناها سوء، ومعناها سُخط كما فسَّرها عبد الله بن عباس. والسوء عكس الصلاح، قال سبحانه {وآخَرونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطَوا عَمَلاً صَالِحَاً وآخَرَ سيِّئاً} الآية 102 من سورة التوبة. وقال سبحانه {ومَنْ يُؤْمِنْ باللهِ ويَعْمَلْ صَالِحَاً يُكفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ} الآية 9 من سورة التغابن. وقال جلَّ جلاله {ومَا يَسْتَوِي الأعْمَى والبَصِيرُ والذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ولا المُسِيءُ} الآية 58 من سورة غافر. فهؤلاء الآيات الكريمات قد ذكرن الصلاح والسوء وجعلن الصلاح عكس السوء، فالسوء غير الصلاح والسَّيِّءُ غير الصالح فهما متضادتان. وإذن فإن لفظة (رِجس) معناها سوء وسخط وعدم صلاح. هذه هي أجمع معانيها، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام عن الروثة إنها رِجس، يفيد أنها سيئةٌ في الاستنجاء، أو أنها سُخط، أو أنها غير صالحة. هذه هي معاني رِجس هنا، وليس من معانيها هنا النجاسة لا من قريب ولا من بعيد.
وباختصار نقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام حين أُتي بروثةٍ أراد أن يبين أنها لا تُستعمل في الاستنجاء، فاستعمل كلمة رَكس ومعناها أنها ستتحول إلى حالها الأولى من الطعام أي أنها ستكون طعام الجنِّ بعد تحولها في أيديهم إلى طعام، وإذا أوردنا لفظة رِجس قلنا إنه عليه الصلاة والسلام أراد بها إظهار رفضه لاستعمالها فقال إنها سيئة أي غير صالحة وإنها سخط أي مخالفة للوعد الذي قطعه عليه الصلاة والسلام لإخواننا الجن.