ومثال الترك الامتثالي: ترْكه صلى الله عليه وسلم الصلاة على المنافقين لما نزل قوله سبحانه: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً} [1]. وهذا القسم تشترك فيه الأمّة في الحُكم وهو: التحريم مع رسول الله ص.
القسم الرابع: الترْك المجرّد، وهو: ما ليس من الأقسام السابقة، وهو نوعان:
الأوّل: ما عُلم حُكمه في حقِّه بدليل من قول أو استنباط. وهذا النوع ينبغي أن يكون حُكمنا فيه كحُكمِه صلى الله عليه وسلم, عملاً بقاعدة المساواة في الأحكام.
الثاني: ما لم يُعلَم حُكمه في حقِّه صلى الله عليه وسلم؛ فما ظهر منه أنّه ترَكه تعبُّداً وتقرّباً، نحمله على الكراهة في حقِّه، ثم يكون الحكم في حقِّنا كذلك، أخذاً من قاعدة المساواة في الأحكام. وما لم يظهر فيه ذلك، نحْمِله على أنه من الترك المباح.
وهنا نقرِّر بأن مصافحة النساء أمْر ترَكه النبي صلى الله عليه وسلم في مقام البيان والتشريع، مع وجود المقتضي –وهو: البيعة–، وعدم المانع من المصافحة؛ فينبغي أن يكون حكمُه التحريم. وهو نفس حُكم القسم الثالث من التروك، لأنه لا فرق بين الفعل والترك في التّأسِّي فيهما. [1] سورة التوبة: الآية 84.