وهذا القسم لا يدلّ في حقِّنا لا على تحريم ولا على كراهية.
القسم الثاني: الترْك الذي قام الدليل على اختصاصه به، وهو ترْكه صلى الله عليه وسلم لما حُرِّم عليه خاصّة، كترْكه أكْلَ الصّدَقة، وقد قال في هذا فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "إنّا لا تَحِلّ لنا الصّدَقة" [1].
وهذا القسم لا يدل أيضاً في حقِّنا لا على تحريم ولا على كراهة، وإن كان البعض يرى أنه يُقتدَى به صلى الله عليه وسلم في الأفعال التي اختصّ بها على سبيل الاستحباب.
القسم الثالث: الترْك بياناً أو امتثالاً لمجمَل معلوم الحُكم عامٍّ لنا وله؛ فيُستفاد حُكْم التّرك من الدليل المبيّن والممثّل. ومثال ذلك: تركه للإحلال من العمرة مع صحابته، وقال فيما روته عنه أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها: "إني لبّدْتُ رأسي، وقلَّدتُ هدْيِي، فلا أحلّ حتّى أنْحَر". [2] فقد امتثل صلى الله عليه وسلم للنّهْي الوارد في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [3]. وهو ترْك التّمتّع لأنه كان قد ساق الهدْي؛ وبهذا تبيّن حُكم مَن ساق الهدْي، وهو تحريم الحلق لظاهر النهي الوارد في الآية. [1] أخرجه البخاري 2/542، ومسلم 2/751. [2] أخرجه البخاري 2/568، ومسلم 2/902. [3] سورة البقرة: الآية 196.