ولا شك أنّ حمْله لها كان مجرداً من الشهوة، ومِن ثَمّ لم ينتقض وضوؤه. وهذا الوجه متحتِّم من أجل الجمع بين هذه الأدلّة وأدلّة نقض الوضوء مِن لمس المرأة. أي: أن الأحاديث الواردة بنقض الوضوء من لمس المرأة خاصّة بوجود الشهوة؛ فيبقى ما لا شهوة فيه على الأصل وهو عدم النقض. فالجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض ممكن؛ فيجب المصير إليه لأن العمل بكِلا الدليليْن خير من إعمال أحدهما وإهمال الآخر، بأن تُحمل أدلّة عدم النقض على ما كان بغير شهوة، وتُحمل أدلّة النقض على المسّ المقترن بالشهوة.
جـ - قياس اللّمس غير المقترن بالشهوة على لمس ذوات المحارم، بجامع انعدام الشهوة في كلٍّ. ّ فكما لا ينتقض الوضوء بلمْس المحارم المجرّد من الشهوة، فكذا لا ينتقض وضوء من لمس مجرّداً من الشهوة[1]. هذا فضلاً عن قياس لمس الرجل لزوجته من غير شهوة على لمس المعتكف لزوجته بغير شهوة، وهذا جائز باتفاق العلماء؛ حيث ثبت: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُدني رأسه إلى السيدة عائشة رضي الله عنها فتُرَجِّلُه وهو معتكف"[2] رغم أنّ ذلك مَظنّة مسِّها لَهُ ومَسِّه لها. [1] راجع: المغني لابن قدامة 1/194، 195. [2] حديث ترجيل عائشة لرأس النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف أخرجه البخاري 2/719.