نام کتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران نویسنده : القصاب، محمد كامل جلد : 1 صفحه : 228
لكن؛ لا يخفى أنَّ الورعَ احترامُ رأي الجماهير مِنَ الفقهاء والمُحَدِّثين، وعدُم الوقوع في خلافهم؛ وذلك بإحياء سُنَّةِ السُّكوت الدَّاعيةِ إلى التَّأدُّبِ بأدب الشرع، والتَّفَرُّغِ للخُشوع، والتَّفَكُّرِ بما سَيَؤُول إليه المرءُ -وليس لنا عند ذلك عاذل ولا مخالف؛ إذ ليس ثَمَّ مَنْ يلوم الساكتَ المتفكِّرَ وراء الجنازة على سكوته، فضلاً عن أنْ يأثمه فيه-، مع ما ينضمُّ إلى إحياء سُنَّةِ السُّكوتِ؛ مِنَ القضاء على طريقة الجهر المُحدَثَة التي لا تعرف في العصر الأول، وليت شعري إذا احتج للجهر بقول: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» بما اختاره العارف الشعراني ارتكاباً لأخف الضَّررين، لا لأنَّه سُنَّةٌ أو شرع، ولا بقصد إماتة سنة السكوت والصَّمت، فبماذا يحتج لما هو مُحْدَث اليوم في مثل دمشق، مِن رفع الأصوات وراء الجنازة بقصائد وألحان، يضيع في فهمها حذقُ الحاذق، ويَخِيب في إدراكها الرَّأيُ الصائب، دع القول بأنَّها جعلت في أيامنا عنواناً على الغنى، ودليلاً على الرفعة والشرف، فكم رأينا مِنْ أُناس ارتفعت الأصواتُ في جنائزهم، وعلت الضَّوضاءُ والنَّغماتُ حول نَعشِهم، وليس لهم مِن صفة توجب هذه المنزلة -إنْ قلنا بأنَّها رِفعة- سوى أنهم جمعوا المال من حلّه ومن غير حلّه، فاستحقُّوا بذلك التقدم على الناس أحياءً وأمواتاً، وآخرين هم [1] أهل الصلاح والتقدم والدِّين والرفعة والشَّرَف قَلَّتْ ذاتُ أيديهم، فصمتت الأصواتُ حول جنائزهم، ولم تجتمع تلك النَّغمات حول نعشهم، بل تباعد عنها أولئك المدَّاحون المستأجرون، فكانوا ومشيعيهم عنوان الفقر، وأمارة القلَّة والاحتياج، اللهم لا حُجَّة لتحسين هذا العمل، ولا مسوِّغ في الشَّرع فيما نعلم لتصحيح أخذ الأجرة عليه، بل واجب كل ذي مسكة من علم إنكار مثل هذه البدع، وبيان أنها ليستْ طريقة السَّلف، وأنَّ الخير كله في اقتفاء أثر مَن سلف. [1] في الأصل: «هم هم» ، مكررة!
نام کتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران نویسنده : القصاب، محمد كامل جلد : 1 صفحه : 228