معاشر الصائمين: قد يشكل على بعض الناس كونُ الحياءِ من الإيمان، وكونُه خيرًا، أو لا يأتي إلا بخير مع أن صاحبه قد يمتنع من أن يواجِهَ بالحق من يستحيي منه، فيترك إنكار المنكر عليه، وأمرَه بالمعروف، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق، وغير ذلك مما هو معروف في العادة.
والجواب أن ذلك المانعَ ليس حياءً حقيقيًّا بل هو صوريّ وإنما هو عجز ومهانةٌ، وخورٌ، وتسميته حياءً من باب التجوز لمشابهته الحياء الحقيقي.
ثم إن الحياءَ وسطٌ بين رذيلتين إحداهما: الوقاحة، والأخرى: الخجل، ويقال لها: الخَرَق.
أما الوقاحةُ فمذمومةٌ بكلِ لسانٍ بالنسبة لكل إنسان وحقيقتها: لجاج النفس في تعاطي القبيح.
وأما الخرقُ وهو الدهشةُ من شدة الحياء، فيذم به الرجل لا سيما في المواطن التي تقتضي الإقدامَ، كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والحكمِ بالحق، والقيام به، وأداء الشهادات على وجهها، ونحو ذلك.
معاشر الصائمين: ومع عظم مكانة الحياء، وما ورد في فضله، والنهي عن ضده إلا أن هناك مظاهرَ تشيع في أوساط الناس تدلُّ على قلة الحياء، ومنها المجاهرةُ بالمعاصي، وقلةُ الأدب مع الوالدين، والجيران، والمربين، والمعلمين.