الاعتكاف
في الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله تعالى". وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان، عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما" رواه البخاري. الاعتكاف سنة مؤكدة، ويتأكد في رمضان، وفي العشر الأواخر خاصة، وهو عبادة يخلو فيها العبد لطاعة ربه، فيقطع علاقته بالدنيا ومشاغلها، التي ألهته عن الإكثار من عبادة ربه في سالف الأيام، والاعتكاف ليس خاصا بهذه الأمة، بل كان معروفا من قبل، يدل عليه قوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [سورة البقرة، الآية (125) ] .
وقد حرص الصحابة رضي الله عنهم، على التأسي بالحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، في أقواله وأفعاله، ومن ذلك اقتداؤهم به في هذه العبادة العظيمة، فقد اعتكفوا معه في حياته، وواظبوا اعلى سنته بعد وفاته، وكذلك أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهم اعتكفن بعده.
إنما كان يعتكف عليه الصلاة والسلام، في العشر الأواخر طلبا لليلة القدر، ورجاء لموافقتها، وسؤال الله تعالى من فضله ورحمته، فيناجي ربه بذكره قائما وقاعدا، ويصلي ما شاء الله من النوافل،، ويتلو كتاب ربه، وهكذا فإن المعتكف ينبغي له أن يشغل أوقات اعتكافه كلها بسائر أنواع العبادات، من