وقال في رواية يعقوب بن بختان " ما أقطع هؤلاء فلا يعجبي". والقطائع ضربان: إقطاع تمليك، فَتَنْقَسِمُ فِيهِ الْأَرْضُ الْمُقْطَعَةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: مَوَاتٌ، وَعَامِرٌ، وَمَعَادِنُ. فَأَمَّا الْمَوَاتُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا: ما لم يزل مواتا على الدهر، لم يجز فيه عمارة، ولا يثبت عليه ملك، وهذا الَّذِي يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْطَعَهُ مَنْ يُحْيِيهِ ويعمره، ويكون المقطع أحق الناس بإحيائه روى أبو بكر بإسناده عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير حضر فرسه فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى بسوطه، فقال: أعطوه من حيث بلغ السوط. الضرب الثَّانِي مِنْ الْمَوَاتِ مَا كَانَ عَامِرًا فَخَرِبَ وصار مواتا عاطلا، فذلك ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ جَاهِلِيًّا، كَأَرْضِ عَادٍ وثمود، فهو كَالْمَوَاتِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عِمَارَةٌ، وَيَجُوزُ إقطاعه، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - " عادى الأرض لله ولرسوله، ثم هل لكم مني ". يعني أرض عاد. الضرب الثاني: ما كان إسلاميا حرى عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ خَرِبَ حَتَّى صَارَ مواتا عاطلا ففيه روايتان: إحداهما: لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ سَوَاءٌ عَرَفَ أَرْبَابُهُ أَوْ لم يعرفوا. والثانية: إنْ عَرَفَ أَرْبَابُهُ لَمْ يُمْلَكْ بِالْإِحْيَاءِ، وَإِنْ لم يعرف ملك بالإحياء. فإن قلنا بالرواية الأولى، وأنه لا يملك بالإحياء، فهل يجوز إقطاعه؟ نظرت. فإن عرف