أَرْبَابُهُ لَمْ يَجُزْ إقْطَاعُهُ، وَكَانُوا أَحَقَّ بِبَيْعِهِ وَإِحْيَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا جَازَ إقْطَاعُهُ وَكَانَ الإقطاع شرطا في جواز إحيائه، ولا يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ. فَإِنْ شَرَعَ في الإحياء صَارَ بِكَمَالِ الْإِحْيَاءِ مَالِكًا لَهُ، وَإِنْ أَمْسَكَ عن إحيائه لِعُذْرٍ ظَاهِرٍ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ فِيهِ وَأَقَرَّ فِي يَدِهِ إلَى زَوَالِ عُذْرِهِ. وَإِنْ كَانَ غير معذور ومضى، زمان يقدر على إحيائه، قيل له: إما أن تُحْيِيهِ فَيُقَرَّ فِي يَدِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ يَدَكَ عَنْهُ لِيَعُودَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ إقْطَاعِهِ.
فإن تَغَلَّبَ عَلَى هَذَا الْمَوَاتِ الْمُسْتَقْطَعِ مُتَغَلِّبٌ فَأَحْيَاهُ كان محييه أحق به من مستقطعه. وأما العامر فضربان أحدهما: ما تعين مالكوه، فَلَا نَظَرَ لِلسُّلْطَانِ فِيهِ إلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْأَرْضِ مِنْ حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أو لذمي، فإن كان في دار الحرب التي لم يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا يَدٌ فَأَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُقْطِعَهَا لِيَمْلِكَهَا الْمُقْطَعَ عِنْدَ الظَّفَرِ بِهَا جَازَ. وَقَدْ سَأَلَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْطِعَهُ عُيُونَ الْبَلَدِ الذي كان فيه بِالشَّامِ قَبْلَ فَتْحِهِ فَفَعَلَ. وَسَأَلَهُ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ أَنْ يُقْطِعَهُ أَرْضًا كَانَتْ بِيَدِ الرُّومِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ " أَلَا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ؟ فقال: والذي بعثك بالحق لتفتحن عليك. فكتب له بذلك كتابا، وكذلك لو استوهب أحد من من سببها وَذَرَارِيِّهَا لِيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ إذَا فَتَحَهَا جَازَ وصحت العطية منه مع الجهالة بها لتعقلها بالأمور العامة. وقد روى الشعبي أن خريم بن أوس بن حارثة الطائي قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنْ فَتَحَ اللَّهُ عليك الحيرة فأعطني بنت بقيلة. فَلَمَّا أَرَادَ خَالِدٌ صُلْحَ أَهْلِ الْحِيرَةِ قَالَ له خريم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل لي بنت بقيلة، فلا تدخلها