responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 40
الْمَوْجُودِ قَبْلَ التَّخَلُّلِ فُقِدَتْ وَأَخْلَفَتْهَا صِفَةُ الْخَلِّ ضَرُورِيٌّ، وَلَا يَشُكُّ فِي هَذَا إلَّا مُعَانِدٌ أَوْ مَخْذُولٌ فَذَاتُ الْخَمْرِ بَاقِيَةٌ وَهُوَ جِسْمُهَا، وَصِفَاتُهَا مَعْدُومَةٌ وَأَخْلَفَتْهَا صِفَاتُ الْخَلِّ وَاسْمُ الْخَمْرِ لَا يُطْلَقُ عَلَى ذَاتِهَا دُونَ صِفَاتِهَا وَلَا عَكْسِهِ بَلْ عَلَى مَجْمُوعِهَا فَإِطْلَاقُ الِانْقِلَابِ عَلَيْهَا إذَا تَخَلَّلَتْ تَجُوزُ فِي الْعِبَارَةِ إذْ هُوَ حَقِيقَةً الِانْتِقَالُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا} [المطففين: 31] الْآيَةَ {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 174] {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] .
وَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ «ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْلِبُهَا» وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ حِينَ عَاتَبَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ إلَى أَنْ طَلَعَ عُمَرُ الْمِنْبَرَ انْقَلَبْت مِنْ السُّوقِ، فَسَمِعْت النِّدَاءَ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَلَبْت الْإِنَاءَ لِأَنَّ مَا فِيهِ انْتَقَلَ مِنْ فَوْقَ إلَى أَسْفَلَ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِانْقِلَابَ الِانْتِقَالُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان كَانَ ذَلِكَ مُحَالًا فِي الْأَعْرَاضِ، فَالْمُرَادُ بِانْقَلَبَتْ مِنْ الْخَمْرِ إلَى التَّخَلُّلِ أَنَّ أَعْرَاضَهَا هِيَ الْمُتَبَدِّلَةُ دُونَ جِسْمِهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: مَاءُ الْعِنَبِ يُغَيِّرُهُ اللَّهُ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ فِي الرَّائِحَةِ وَاللَّوْنِ وَالْفِعْلِ وَالطَّعْمِ لَا أَنَّهُ ذَهَبَ مَاءُ الْعِنَبِ، وَحَدَثَ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الشُّبْهَةُ عَلَى مَنْ قَالَ انْتَقَلَتْ عَيْنُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ مُحَرَّمَةُ الذَّاتِ نَجِسَتُهَا، وَالْخَلُّ حَلَالُ الذَّاتِ طَاهِرٌ فَظُنَّ اسْتِحَالَةُ الْحُكْمِ عَلَى الذَّاتِ الْوَاحِدَةِ بِالضِّدِّ مِنْ النَّجَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحُرْمَةِ، وَالْحِلِّ، وَلَيْسَ كَمَا ظُنَّ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ: هُوَ أَنَّ النَّجِسَ إمَّا لِأَصْلِهِ كَالْبَوْلِ أَوْ لِمَا طَرَأَ عَلَيْهِ كَزَيْتٍ مَاتَتْ بِهِ فَأْرَةٌ، فَالْأَوَّلُ تَسْتَحِيلُ طَهَارَتُهُ بِاسْتِحَالَةِ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي الطَّارِئِ عَلَيْهِ مَا هُوَ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي نَجَاسَتِهِ؟ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ صَحَّ ارْتِفَاعُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ شَرْعًا.
وَنَجَاسَةُ الْخَمْرِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ لِأَنَّهُ كَانَ طَاهِرًا قَبْلَ وُجُودِ صِفَةِ الْخَمْرِيَّةِ فِيهِ، فَإِذَا أُورِدَتْ وَجَبَتْ نَجَاسَتُهَا فَإِذَا زَالَتْ وَجَبَتْ طَهَارَتُهَا إلَّا إذَا كَانَ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي مَذْهَبِنَا فَجِسْمُ الْخَمْرِ يَطْهُرُ بِزَوَالِ صِفَةِ الْخَمْرِيَّةِ كَمَا يَطْهُرُ الثَّوْبُ مِنْ النَّجَسِ بِالْمَاءِ فَإِنْ قُلْت: لَا فَرْقَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ إذْ الْمَاءُ أَصْلُ الْبَوْلِ فَسَاوَاهُمَا قُلْت: أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّ الْمَاءَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَا فِيهِ بِلَّةٌ مِنْ جَمِيعِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ فَلَمَّا كَانَ الْمَاءُ مُسْتَهْلَكًا فِي جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ كَانَ مُلْغًى، وَوَجَبَ اعْتِبَارُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَالْعَصِيرِ وَالْبَوْلِ، فَالْبَوْلُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ لَمَّا أُلْغِيَ أَصْلُهُ، كَمَا أَنَّ الْعَصِيرَ أَصْلٌ لَمَّا أُلْغِيَ أَصْلُهُ عَلَى أَنَّ الْبَوْلَ لَيْسَ عَيْنَ الْمَشْرُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَسَخٌ يَصِلُ لِلْمَثَانَةِ يَجْتَمِعُ مِنْ بِلَّةِ الْجِسْمِ وَرُطُوبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْرَبْ الْمَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ يَبُولُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ مَاءً وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْخَمْرُ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ كَالْعَصِيرِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعَصِيرِ لَمْ يُسْتَهْلَكْ بَعْدَ صِفَةِ الْخَمْرِيَّةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي شُرِبَ أَوْ يُسْقَى بِهِ الْكَرْمُ فَإِنَّهُ اُسْتُهْلِكَ فِي الْجِسْمِ وَالْكَرْمِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ كَلْبٍ لَاقَى دَرَجَةَ بِرْكَةٍ وَفِيهَا مَاءٌ كَثِيرٌ فَهَلْ يَنْجُسُ مَا لَاقَاهُ بَيْنَ الْمَاءِ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةٌ مِنْ النَّجَاسَةِ؛ لِتَعَذُّرِهَا مَعَهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَمْسَكَ كَلْبًا دَاخِلَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَمْ تَنْجُسْ يَدُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ - عَنْ الزَّبَادِ هَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ وُجُودِ الشُّعُورِ وَهَلْ يُعْفَى عَنْهَا؟ وَمَا قَدْرُ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا؟ ، وَعُسْرُ الِاحْتِرَازِ وَوُجُودُ الْخِلَافِ فِي الْهِرَّةِ الْوَحْشِيَّةِ هَلْ يَقْتَضِيَانِ الْعَفْوَ مُطْلَقًا لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ؟
(فَأَجَابَ) - فَسَّحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُدَّتِهِ - بِقَوْلِهِ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الزَّبَادِ وَيُعْفَى عَنْ شَعْرِهِ الْقَلِيلِ عُرْفًا كَالثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَعِبَارَةُ شَرْحِي عَلَى الْعُبَابِ مَعَ مَتْنِهِ فَرْعٌ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ
(الزَّبَادُ طَاهِرٌ وَهُوَ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ يُجْلَبُ كَالْمِسْكِ رِيحًا، وَاللَّبَنِ بَيَاضًا يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ الْبَحْرِ طِيبًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَأَشَارَ إلَى خِلَافٍ فِيهِ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ لَبَنِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ لَكِنْ تَعَقَّبَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الصَّوَابَ طَهَارَتُهُ، وَصِحَّةُ بَيْعِهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ جَمِيعَ حَيَوَانِ الْبَحْرِ طَاهِرٌ يَحِلُّ لَحْمُهُ وَلَبَنُهُ أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الَّذِي سَمِعْته مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَعَلَى هَذَا هُوَ طَاهِرٌ بِلَا خِلَافٍ) اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَبَنُ الْبَحْرِيِّ كَذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ: وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنَّهُ نَوْعَانِ لَكِنَّ الْغَالِبَ الثَّانِي، وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الدَّمِيرِيِّ: أَنَّ مَا فِي الْحَاوِي

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست