responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 42
بِالْحَجَرِ لِعَدَمِ الْمَاءِ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ لِلْحَاجَةِ أَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لَمْ يَجُزْ لَهُ؛ إذْ لَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ.
وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَطَّنَ بَادِيَةً لَا مَاءَ بِهَا وَأَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَبِذَلِكَ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: وَصَحَّ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُقِيمُ بِالرَّبْذَةِ، أَيْ وَهِيَ بَادِيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيَفْقِدُ الْمَاءَ أَيَّامًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التُّرَابُ كَافِيك وَإِنْ لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» ، وَرَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَغِيبُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، أَيُجَامِعُ أَهْلَهُ؟ قَالَ نَعَمْ» اهـ. حَاصِلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ عِنْدَ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحَجَرِ لِفَاقِدِ الْمَاءِ، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ اتِّفَاقَ أَئِمَّتِنَا عَلَى جِوَازِ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ بِلَا كَرَاهَةٍ.
وَإِنْ كَانَ الدَّمُ يَجْرِي، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا؛ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ أَنَّ حَمْنَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً، وَكَانَ زَوْجُهَا يَطَؤُهَا فَهَذَا تَضَمُّخٌ بِالنَّجَاسَةِ لَكِنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ لِلْحَاجَةِ فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرْته فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَحَمَلْت عَلَيْهِ إفْتَاءَ الشَّيْخِ فِيهِ نَظْرٌ، فَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ وَطْءُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي ثُقْبَةٍ انْفَتَحَتْ تَحْتَ مَعِدَتِهَا مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ أَوْ انْسِدَادِهِ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ مَعَ مُبَاشَرَتِهِ لِلنَّجَاسَةِ، وَعَدَمِ تَعَاطِيهِ مُخَفِّفًا لَهَا، فَلْيَجُزْ فِي مَسْأَلَتِنَا دُنُوٌّ مَعَ الْمَاءِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ تُصَيِّرُ الْمَحَلَّ كَالْمَحْكُومِ لَهُ بِالطَّهَارَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ كَانَ مَا فِي الْجَوَاهِرِ سَالِمًا عَنْ النِّزَاعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالْغَائِطِ أَشَدُّ مِنْهُ بِالدَّمِ، أَيْ فِي وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ؛ وَلِذَا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ دُونَ يَسِيرِ الْغَائِطِ، وَلِذَا حُرِّمَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ اهـ. وَهُوَ نِزَاعٌ مُتَّجَهٌ مُوَافِقٌ لِعُمُومِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: لَا يَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ الْمَذْكُورِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْفَرْجِ، فَاسْتِثْنَاءُ الْقَمُولِيِّ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى وَطْءٍ لَيْسَ فِيهِ تَضَمُّخٌ بِغَائِطٍ بَلْ بِدَمٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَظِيرُ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - إنَّ كَلَامَ الْخَادِمِ الَّذِي ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَيْسَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ وَلَا قَضِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَيَنْبَغِي لَهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَنِيِّ فَلْيَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِنَجَاسَتِهِ احْتِيَاطًا؛ رِعَايَةً لِلْغَالِبِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ سَبْقِ الْمَذْيِ النَّجِسِ لِلْمَنِيِّ الَّذِي يَعْقُبُهُ، فَلَيْسَ فِي هَذَا تَعَرُّضٌ لِوَطْءٍ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَى حُكْمِهِ أَصْلًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْأَفْيُونِ الَّذِي يُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ وَالْيَمَنِ، هَلْ يَحْرُمُ أَكْلُهُ أَوْ لَا؛ لِعَدَمِ إسْكَارِهِ وَإِضْرَارِهِ؟ وَفِي السَّمْنِ الَّذِي يَجْلِبُهُ الْكُفَّارُ الْوَثَنِيُّونَ مِنْ الْجَبَلِ فِي الْجِلْدِ الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ الْمَذْبُوحِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُمْ يَقُولُونَ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ، هَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: أَكْلُ الْأَفْيُونِ حَرَامٌ إلَّا لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَخَشِيَ الْهَلَاكَ مِنْ فَقْدِهِ فَيُبَاحُ لَهُ لَكِنْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، لَا مُطْلَقًا كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَكَثِيرُونَ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ الَّذِينَ اُبْتُلُوا بِهِ يَظُنُّونَ أَنَّ مُجَرَّدَ خَشْيَةِ هَلَاكِهِمْ بِفَقْدِهِ يَجُوزُ لَهُمْ تَنَاوُلُهُ كَيْفَ أَرَادُوا وَهَذَا تَخَيُّلٌ فَاسِدٌ زَيَّنَهُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ لِيَدُومَ ضَحِكُهُ عَلَيْهِمْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ.
وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي ذَلِكَ مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ فَلَا يَتَنَاوَلُ إلَّا حَالَةَ الِاضْطِرَارِ وَلَا يَتَنَاوَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا الْقَدْرَ الْيَسِيرَ جِدًّا الَّذِي يَنْدَفِعُ بِهِ خَشْيَةَ الْمَوْتِ، وَمَنْ أَدَمْنَ ذَلِكَ انْقَطَعَ عَنْهُ سَرِيعًا فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِالتَّدْرِيجِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَى الْمُبْتَلَى بِهِ أَنْ يَتَدَرَّجَ فِي قَطْعِهِ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ عَظِيمِ إثْمِهِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ: لِعَدَمِ إسْكَارِهِ وَإِضْرَارِهِ عَجِيبٌ مِنْهُ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِحُرْمَتِهِ وَعَدُّوهُ مِنْ السَّمُومِ الْمُخَدِّرَةِ الْمُسْكِرَةِ.
وَهَذَا مُشَاهَدٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى ذَوْقٍ أَوْ إحْسَاسٍ اللَّهُمَّ إلَّا عَلَى مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ، وَارْتَبَكَ فِيهِ فَهَذَا لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا دِينَ لِأَنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ حَيِّزِ الْآدَمِيِّينَ إلَى حَيِّزِ الْمَمْسُوخِينَ مِنْ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَكَمْ شَاهَدْنَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ فَمُسِخَ بَدَنُهُ حَتَّى صَارَ لَا يُدْرَكُ مِنْهُ إلَّا خَيَالُهُ، وَمُسِخَ عَقْلُهُ حَتَّى صَارَ لَا يَصْدُرُ مِنْهُ إلَّا هَدَرُهُ وَخَبَالُهُ، وَالسَّمْنُ الْمَذْكُورُ طَاهِرٌ كَمَا هُوَ بَدِيهِيٌّ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ مَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ فِي نَوْعِهِ وَلَمْ تُعْلَمْ فِيهِ بِعَيْنِهِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَمَا كَمَسْأَلَةِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَعْنًى انْضَمَّ لِلْمُشَاهَدَةِ لَا يَتَأَتَّى هُنَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ وَلَغَتْ هِرَّةٌ فِي مُتَنَجِّسٍ بِنَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ ثُمَّ غَابَتْ بِحَيْثُ يُحْتَمَلُ وُلُوغُهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ وَلَغَتْ فِي إنَاءٍ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست