responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 166
دُونَ وَجْهٍ أَمَّا شَبَهُهُ إيَّاهُ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعُجْبَ يُفْسِدُهُ كَالرِّيَاءِ وَلَمْ يُسْمَحْ لَهُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ كَمَا قُلْنَاهُ وَأَمَّا عَدَمُ شَبَهِهِ فَإِنَّ الْعُجْبَ لَا يُضَادُّ النِّيَّةَ كَمَا يُضَادُّهَا الرِّيَاءُ لَوْ انْفَرَدَ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ احْتِمَالِ الْعَمَلِ مَعَ الْعُجْبِ احْتِمَالَهُ مَعَ الرِّيَاءِ.
وَوَقَفْت عَلَى كِتَابِ تُحْفَةِ الْبَرَرَةِ فِي السُّؤَالَاتِ الْعَشَرَةِ تَصْنِيفِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ مَجْدِ الدِّينِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [آل عمران: 152] إنَّ الْإِنْسَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ يُرِيدُ الدُّنْيَا فَحَسْبُ إذَا أَيْقَظَهُ اللَّهُ مِنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ وَذَكَّرَهُ حُبَّ الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَأَسْمَعَهُ قَوْلَهُ {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 28] تَذَكَّرَ الْمِيثَاقَ وَعَرَفَ الْوَثَاقَ فَظَهَرَ فِي قَلْبِهِ حَسْرَةٌ بِمَا فَرَّطَ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَرُفِعَ إلَى الْحَضْرَةِ وَتَابَ فَتَخْتَلِفُ حِينَئِذٍ أَحْوَالُ الْأَشْخَاصِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَظْهَرُ فِيهِ طَلَبُ الْآخِرَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ طَلَبِ الدُّنْيَا وَدَاعِيَةِ الْآخِرَةِ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِرَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ إرَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بَلْ يُقَالُ لَهُ الْمُتَمَنِّي وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الطَّلَبُ فِي الدَّيْنِ فَإِنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِالتَّمَنِّي فَلَا يَهْنَأُ عَيْشُهُ وَلَا يَطِيبُ قَلْبُهُ وَلَا تَسْتَرِيحُ نَفْسُهُ وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَقْبَلَ عَلَى الدُّنْيَا نُغِّصَ عَلَيْهِ عَيْشُهُ تَمَنَّى الْآخِرَةَ وَكُلَّمَا أَقْبَلَ عَلَى الْآخِرَةِ كُدِّرَ عَلَيْهِ تَمَنَّى الدُّنْيَا سُرْبَتَهُ فَيَبْقَى لَا فِي الْعِيرِ وَلَا فِي النَّفِيرِ يُرِيدُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَظْهَرُ فِي قَلْبِهِ طَلَبُ الْآخِرَةِ ظُهُورًا يَنْفِي مِنْ قَلْبِهِ سَائِرَ الدَّوَاعِي الْمُخْتَلِفَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ هَمٌّ إلَّا هَمُّ اللَّهِ كَمَا ظَهَرَ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ هَكَذَا دَاعِيَةُ الْحَقِّ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ صَحَّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِرَادَةِ وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ لَهُ حُسْنُ اسْتِعْدَادِ قَبُولِ تَأْثِيرِ الشَّيْخِ.
وَأَطَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي ذَلِكَ وَالْمَقْصُودُ لَنَا مِنْهُ مَا ذَكَرَ فِي الدَّاعِيَيْنِ وَإِشَارَتُهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِتَعَارُضِهِمَا كَمَا قُلْنَاهُ، وَفِي قُوتِ الْقُلُوبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعَمَلُ بِلَا إخْلَاصٍ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالْإِخْلَاصِ وَمِنْ الْأَدِلَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَك مِنْ خَيْرٍ» عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِ وَهُوَ التَّعْلِيلُ أَيْ لِأَجْلِ مَا سَلَفَ لَك مِنْ خَيْرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّفْعِ نَفَعَتْ صَاحِبَهَا مَعَ الْكُفْرِ حَتَّى أَنْقَذَتْهُ مِنْهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَمَا ظَنُّك بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ مَعَ الْإِسْلَامِ خَالَطَهَا شَوْبٌ يَضْمَحِلُّ بَعْدَ حِينٍ؛ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُبْتَدِئِ أَمَّا الْمُنْتَهِي أَوْ الْمُتَوَسِّطُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ وَلَا يَقَعُ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ لَهُ مِنْ الْقُوَّةِ بِاَللَّهِ مَا يَدْفَعُ عَنْ قَلْبِهِ وَإِنَّمَا الْمُبْتَدِئُ ضَعِيفٌ إنْ مَنَعْنَاهُ عَنْ الْعَمَلِ حَتَّى يُخْلِصَ قَلَّ السَّالِكُونَ وَانْقَطَعَتْ الطَّرِيقُ وَبَقِيَتْ قُلُوبُ أَكْثَرِ الْخَلْقِ عَلَى كَدَرِهَا وَاسْتَوْلَتْ الشَّيَاطِينُ عَلَيْهَا فَلْيُفْتَحْ لَهُمْ بَابٌ يَدْخُلُونَ فِيهِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست