responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 167
إلَى الْخَيْرِ وَاَللَّهُ رَفِيقُهُمْ وَمُعِينُهُمْ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَيُصَفِّيَ السَّرَائِرَ وَيُظْهِرَ مَا أَكْمَنَهُ فِي تِلْكَ الْمَعَادِنِ وَيُخْرِجَ الْخَبِيثَ وَيُنْصِعَ الطَّيِّبَ وَيُتَوَكَّلُ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ.
وَقَدْ رَأَيْت أَنْ أَجْمَعَ الْكَلَامَ وَأُلَخِّصَهُ وَأَقُولَ: فِي الْجَوَابِ هُنَا مَسَائِلُ: إحْدَاهَا الْمَقْصُودُ بِالسُّؤَالِ فِيمَنْ تَقَاوَمَ عِنْدَهُ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ وَالْبَاعِثُ الدِّينِيُّ وَأَرَادَ الْعَمَلَ بِهِمَا وَسِيلَةً إلَى ظُهُورِ الْبَاعِثِ الدِّينِيِّ وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ ذَلِكَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ فَيَسْتَحِيلُ مَعَهَا الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ فَجَوَابِي لِهَذَا الْمُسْتَرْشِدِ نَفَعَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَيُجَاهِدُ نَفْسَهُ فِي دَفْعِ الْبَاعِثِ الدُّنْيَوِيِّ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْمُورٌ بِالثَّلَاثَةِ، وَمَحَلُّ هَذَا الْكَلَامِ فِي نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ كَقِيَامِ اللَّيْلِ وَنَحْوِهِ أَمَّا السُّنَنُ الَّتِي نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى خُصُوصَاتِهَا فَهِيَ آكَدُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ تَرْكِهَا وَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَأَعْظَمُ وَتَرْكُهَا يَحْرُمُ صَلَاةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا حَتَّى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ.
فَهَذَا جَوَابِي لِمَنْ قَصَدَ تَقْلِيدِي فِي الْعَمَلِ بِمَا أَقُولُهُ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لِي وَلَهُ، وَلَوْ فُقِدَ الرَّابِعُ وَهُوَ عِلْمُ عَادَتِهِ وَوَجَدْت الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فَجَوَابِي كَذَلِكَ لِأَنَّ إرَادَةَ الْعَمَلِ بِهَا لِأَجْلِ الْوَسِيلَةِ خَالِصٌ لِلَّهِ فَإِذَا فُرِضَ قَصْدُ ذَلِكَ انْقَطَعَ أَثَرُ الْبَاعِثَيْنِ الْمُتَقَاوِمَيْنِ دِينًا وَدُنْيَا وَصَارَ الْبَاعِثُ هَذَا الثَّالِثَ وَهُوَ دِينِيٌّ فَحَسْبُ فَيَسْتَحِيلُ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ.
وَهَذَا بِحَسَبِ مَا فَرَضَهُ السَّائِلُ فِي الِاسْتِفْتَاءِ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ قَصَدَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ دَقِيقَةٌ لَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لَهَا، وَشَرْطُهَا أَنْ يَتَحَقَّقَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْبَاعِثُ الثَّالِثُ بِأَنْ يَجِدَ مِنْ نَفْسِهِ اتِّبَاعًا مِنْ ذَلِكَ التَّوَسُّلِ وَشَهْوَةً لِدَفْعِ الْبَاعِثِ الدُّنْيَوِيِّ وَقَصْدًا لِإِجَابَتِهَا فِيمَا انْبَعَثَتْ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي أَنَّهُ يَقُولُ بِلِسَانِهِ: إنَّهُ يَقْصِدُ التَّوَسُّلَ وَلَا إنَّهُ يَخْتَارُ أَنَّهُ يَجْعَلُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُوَفِّقَهُ اللَّهُ إلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَهُ هَذَا الثَّالِثُ وَإِنَّمَا وُجِدَ عِنْدَهُ الْبَاعِثَانِ الْمُتَقَاوِمَانِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ السَّائِلُ فِي اسْتِفْتَائِهِ: إنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ.
وَاَلَّذِي أَقُولُهُ فِيهِ أَيْضًا: إنَّهُ لَا يُتْرَكُ الْعَمَلُ وَلَا يَحْرُمُ سَوَاءٌ أَتَسَاوَى الْبَاعِثَانِ أَمْ قَوِيَ أَحَدُهُمَا أَيًّا مَا كَانَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ حُصُولُ الْبَاعِثِ الدِّينِيِّ وَاجْتِمَاعَ الْبَوَاعِثِ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ وَاقِعٌ عَقْلًا وَشَرْعًا وَحِسًّا فَيَحْصُلُ لَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ» وَيَصِحُّ ذَلِكَ الْعَمَلُ لَكِنَّ ثَوَابَهُ أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِ الْمُخْلِصِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا فُقِدَ الْإِخْلَاصُ فِيهِ يُفْقَدُ الثَّوَابُ فِيهِ بَلْ نَقُولُ ذَلِكَ إثْمٌ مُخْلَصٌ فِيهِ مِنْ الْجِهَةِ الدِّينِيَّةِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ شَابَهُ نَقْصٌ لِاخْتِلَاطِهِ بِالدُّنْيَوِيِّ، وَإِنَّمَا يَحْبَطُ الْعَمَلُ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ وَلَيْسَ حُبُوطُ الْعَمَلِ حِينَئِذٍ لِتَحْرِيمِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست