responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 56
لَمْ يَنْفَعْهُ إيمَانُهُ الْمُتَقَدِّمُ، وَهَلْ نَقُولُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ إيمَانًا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِيمَانِ أَنْ لَا يَعْقُبَهُ كُفْرٌ أَوْ كَانَ إيمَانًا وَلَكِنْ بَطَلَ فِيمَا بَعْدُ لِطَرَيَانِ مَا يُحْبِطُهُ؛ أَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِكَوْنِهِ إيمَانًا صَحِيحًا مَوْقُوفًا عَلَى الْخَاتِمَةِ؛ كَمَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَى تَمَامِهَا لِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ يَرْتَبِطُ أَوَّلُهَا بِآخِرِهَا، فَيَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا فَخَرَجَ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي ذَلِكَ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ.
وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ لَهُ حَيْثُ حَكَمَ بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ يُحْبَطُ عَمَلُهُ إذَا مَاتَ كَافِرًا. وَالثَّالِثُ اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ. وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْجَهْلِ بِالْعَاقِبَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ إمَّا فِي الْأَصْلِ. وَإِمَّا فِي التَّدَيُّنِ، وَإِمَّا فِي النَّفْعِ وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِيهِ. وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا حُصُولُ الشَّكِّ فِيهِ؛ وَيَرُدُّ مَا أَوْرَدَهُ الْمُخَالِفُ مِنْ التَّشْنِيعِ وَتَسْمِيَتِهِمْ الطَّائِفَةَ الْمَشِيئِيَّةَ بِالْمُتَشَكِّكَةِ لَكِنَّ هَذَا شَكٌّ لَا حِيلَةَ لِلْعَبْدِ فِيهِ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْخَاتِمَةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ. وَلَيْسَ شَكًّا فِي اعْتِقَادِهِ الْحَاصِلِ الْآنَ، نَعَمْ هُوَ شَكٌّ فِي كَوْنِهِ نَافِعًا وَصَحِيحًا وَيُسَمَّى عِنْدَ اللَّهِ إيمَانًا وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ جَازِمًا بِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا فِي قُدْرَتِهِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَا ارْتِيَابٍ عِنْدَهُ فِيهِ.
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لِلتَّخْرِيجِ عَلَيْهَا غَيْرِي، وَهِيَ الَّتِي أَشَرْت إلَى قِلَّةِ مَنْ يَفْهَمُهَا وَاحْتِيَاجِ سَامِعِهَا لِتَثَبُّتٍ فِي الْفَهْمِ بِتَوْفِيقٍ مِنْ اللَّهِ فِي السَّلَامَةِ أَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ الْأَعْمَالِ إلَيْهِ. وَلَا الْأَمْنِ مِنْ الْعَذَابِ بِسَبَبِهِ، وَلَا اشْتِرَاطِ الْخَاتِمَةِ فِي مُسَمَّاهُ، فَنَقُولُ التَّصْدِيقُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُصَدَّقِ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ «اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ» وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُصَدَّقِ بِهَا، فَلَا بُدَّ فِي التَّصْدِيقِ مِنْ الْمَعْرِفَةِ. وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَغَوِيّ أَبُو الْقَاسِمِ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي اسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ أَصْبَحْت يَا حَارِثُ؟ قَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ حَقًّا قَالَ اُنْظُرْ مَا تَقُولُ؟ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنْ الدُّنْيَا فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي وَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بَارِزًا وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَعَاوَوْنَ فِيهَا. قَالَ أَبْصَرْت

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست