responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 89
وَالْمَظْلُومُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا إحْدَاثُهُ لِلْفِعْلِ الَّذِي هُوَ ظُلْمٌ مِنْ شَخْصٍ وَظُلْمٌ لِآخَرَ بِمَنْزِلَةِ إحْدَاثِهِ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ الَّذِي هُوَ أَكْلٌ مِنْ شَخْصٍ وَأَكْلٌ لِآخَرَ، وَلَيْسَ هُوَ بِذَلِكَ آكِلًا وَلَا مَأْكُولًا، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لَازِمِهَا أَوْ مُتَعَدٍّ بِهَا حِكَمٌ بَالِغَةٌ كَمَا لَهُ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فِي خَلْقِ صِفَاتِهِمْ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَعَ تَفْصِيلِ ذَلِكَ، وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تَدْلِيسُ الْقَدَرِيَّةِ.
وَأَمَّا تِلْكَ الْحُدُودُ الَّتِي عُورِضُوا بِهَا فَهِيَ دَعَاوَى وَمُخَالِفَةٌ أَيْضًا لِلْمَعْلُومِ مِنْ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَالْعَقْلِ، أَوْ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْإِجْمَالِ، فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: الظَّالِمُ مَنْ قَامَ بِهِ الظُّلْمُ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِهِ، لَكِنْ يُقَالُ لَهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا أَوْ آمِرًا لَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لَهُ مَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ كَانَ اقْتِصَارُهُ عَلَى تَفْسِيرِ الظَّالِمِ بِمَنْ قَامَ بِهِ الظُّلْمُ، كَاقْتِصَارِ أُولَئِكَ عَلَى تَفْسِيرِ الظَّالِمِ فِي فِعْلِ الظُّلْمِ، وَاَلَّذِي يَعْرِفُهُ النَّاسُ عَامُّهُمْ وَخَاصُّهُمْ أَنَّ الظَّالِمَ فَاعِلٌ لِلظُّلْمِ، وَظُلْمُهُ فِعْلٌ قَائِمٌ بِهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ جَحَدَ بَعْضَ الْحَقِّ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: مَنْ فَعَلَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَالْإِطْلَاقُ صَحِيحٌ، لَكِنْ يُقَالُ قَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَكَانَ حَقًّا عَلَيْهِ نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يُجْزِيَ الْمُطِيعِينَ، وَأَنَّهُ حَرَّمَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي حَرَّمَ بِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، كَمَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَتَبَ بِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ؛ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مُحَرِّمًا عَلَيْهِ، أَوْ مُوجِبًا عَلَيْهِ. فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ بِعَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الظُّلْمُ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، هُوَ ظُلْمٌ بِلَا رَيْبٍ. وَهُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَتْرُكُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّهُ عَادِلٌ لَيْسَ بِظَالِمٍ، كَمَا يَتْرُكُ عُقُوبَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَكَمَا يَتْرُكُ أَنْ يَحْمِلَ الْبَرِيءُ ذُنُوبَ الْمُعْتَدِينَ.

[فَصَلِّ تَحْرِيمُ اللَّهِ الظُّلْمَ عَلَى الْعِبَادِ]
فَصْلٌ قَوْلُهُ «وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا» ؛ يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ شَرِيفُ الْقَدْرِ عَظِيمُ الْمَنْزِلَةِ. وَلِهَذَا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَقُولُ: هُوَ أَشْرَفُ حَدِيثٍ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست