responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 201
عُمُومُ الْوِلَايَاتِ وَخُصُوصُهَا: إذَا عُرِفَ هَذَا فَعُمُومُ الْوِلَايَاتِ وَخُصُوصُهَا، وَمَا يَسْتَفِيدُهُ الْمُتَوَلِّي بِالْوِلَايَةِ: يَتَلَقَّى مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ، فَقَدْ يَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ - فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ - مَا يَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ الْحَرْبِ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ آخَرَ، وَبِالْعَكْسِ، وَكَذَلِكَ الْحِسْبَةُ، وَوِلَايَةُ الْمَالِ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ فِي الْأَصْلِ وِلَايَاتٌ دِينِيَّةٌ، وَمَنَاصِبُ شَرْعِيَّةٌ، فَمَنْ عَدَلَ فِي وِلَايَةٍ مِنْ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ، وَسَاسَهَا بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَهُوَ مِنْ الْأَبْرَارِ الْعَادِلِينَ، وَمَنْ حَكَمَ فِيهَا بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ، فَهُوَ مِنْ الظَّالِمِينَ الْمُعْتَدِينَ، وَ {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13] {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14] .
فَوِلَايَةُ الْحَرْبِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ وَمَا جَاوَرَهَا: تَخْتَصُّ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ: مِنْ الْقَتْلِ، وَالْقَطْعِ، وَالْجَلْدِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْحُكْمُ فِي دَعَاوَى التُّهَمِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شُهُودٌ وَلَا إقْرَارٌ، كَمَا تَخْتَصُّ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ بِمَا فِيهِ كِتَابٌ وَشُهُودٌ وَإِقْرَارٌ، مِنْ الدَّعَاوَى الَّتِي تَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ الْحُقُوقِ وَالْحُكْمَ بِإِيصَالِهَا إلَى أَرْبَابِهَا، وَالنَّظَرِ فِي الْأَبْضَاعِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ مُعَيَّنٌ، وَالنَّظَرِ فِي حَالِ نُظَّارِ الْوُقُوفِ، وَأَوْصِيَاءِ الْيَتَامَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَفِي بِلَادٍ أُخْرَى - كَبِلَادِ الْغَرْبِ - لَيْسَ لِوَالِي الْحَرْبِ مَعَ الْقَاضِي حُكْمٌ فِي شَيْءٍ، إنَّمَا هُوَ مُنَفِّذٌ لِمَا يَأْمُرُ بِهِ مُتَوَلِّي الْقَضَاءِ.
وَأَمَّا وِلَايَةُ الْحِسْبَةِ: فَخَاصَّتُهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ، وَأَهْلِ الدِّيوَانِ وَنَحْوِهِمْ، فَعَلَى مُتَوَلِّي الْحِسْبَةِ أَنْ يَأْمُرَ الْعَامَّةَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مَوَاقِيتِهَا، وَيُعَاقِبَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ، وَأَمَّا الْقَتْلُ: فَإِلَى غَيْرِهِ، وَيَتَعَاهَدُ الْأَئِمَّةَ وَالْمُؤَذِّنِينَ، فَمَنْ فَرَّطَ مِنْهُمْ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْأُمَّةِ وَخَرَجَ عَنْ الْمَشْرُوعِ أَلْزَمَهُ بِهِ، وَاسْتَعَانَ فِيمَا يَعْجَزُ عَنْهُ بِوَالِي الْحَرْبِ وَالْقَاضِي.
وَاعْتِنَاءُ وُلَاةِ الْأُمُورِ بِإِلْزَامِ الرَّعِيَّةِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ أَهَمُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ، وَأَسَاسُهُ وَقَاعِدَتُهُ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْتُبُ إلَى عُمَّالِهِ: " إنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ،

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست