responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 202
فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا أَشَدُّ إضَاعَةً ". وَيَأْمُرُ وَالِي الْحِسْبَةِ بِالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ، وَالنُّصْحِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَيَنْهَى عَنْ الْخِيَانَةِ، وَتَطْفِيفِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، وَالْغِشِّ فِي الصِّنَاعَاتِ وَالْبِيَاعَاتِ، وَيَتَفَقَّدُ أَحْوَالَ الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ، وَأَحْوَالِ الصُّنَّاعِ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الْأَطْعِمَةَ وَالْمَلَابِسَ وَالْآلَاتِ، فَيَمْنَعُهُمْ مِنْ صِنَاعَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، كَآلَاتِ الْمَلَاهِي، وَثِيَابِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ، وَيَمْنَعُ مِنْ اتِّخَاذِ أَنْوَاعِ الْمُسْكِرَاتِ، وَيَمْنَعُ صَاحِبَ كُلِّ صِنَاعَةٍ مِنْ الْغِشِّ فِي صِنَاعَتِهِ، وَيَمْنَعُ مِنْ إفْسَادِ نَقْدِ النَّاسِ وَتَغْيِيرِهَا، وَيَمْنَعُ مِنْ جَعْلِ النُّقُودِ مَتْجَرًا، فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يُدْخِلُ عَلَى النَّاسِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ، بَلْ الْوَاجِبُ: أَنْ تَكُونَ النُّقُودُ رُءُوسَ أَمْوَالٍ، يَتَّجِرُ بِهَا، وَلَا يَتَّجِرُ فِيهَا، وَإِذَا حَرَّمَ السُّلْطَانُ سِكَّةً أَوْ نَقْدًا مُنِعَ مِنْ الِاخْتِلَاطِ بِمَا أَذِنَ فِي الْمُعَامَلَةِ بِهِ.
وَمُعْظَمُ وِلَايَتِهِ وَقَاعِدَتُهَا: الْإِنْكَارُ عَلَى هَؤُلَاءِ الزَّغَلِيَّةِ، وَأَرْبَابِ الْغِشِّ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُفْسِدُونَ مَصَالِحَ الْأُمَّةِ، وَالضَّرَرُ بِهِمْ عَامٌّ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ أَلَّا يُهْمِلَ أَمْرَهُمْ، وَأَنْ يُنَكِّلَ بِهِمْ وَأَمْثَالِهِمْ، وَلَا يَرْفَعُ عَنْهُمْ عُقُوبَتَهُ، فَإِنَّ الْبَلِيَّةَ بِهِمْ عَظِيمَةٌ، وَالْمَضَرَّةَ بِهِمْ شَامِلَةٌ وَلَا سِيَّمَا هَؤُلَاءِ الْكِيمَاوِيِّينَ الَّذِينَ يَغُشُّونَ النُّقُودَ وَالْجَوَاهِرَ، وَالْعِطْرَ وَالطِّيبَ وَغَيْرَهَا، يُضَاهِئُونَ بِزَغْلِهِمْ وَغِشِّهِمْ خَلْقَ اللَّهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا فَيَقْدِرُ الْعِبَادُ أَنْ يَخْلُقُوا كَخَلْقِهِ، قَالَ تَعَالَى - فِيمَا حَكَى عَنْهُ رَسُولُهُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، فَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» .
وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَصْنُوعَاتُ - كَالطَّبَائِخِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ - غَيْرَ مَخْلُوقَةٍ إلَّا بِتَوَسُّطِ النَّاسِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41] {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} [يس: 42] ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 95] {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وَكَانَتْ الْمَخْلُوقَاتُ مِنْ الْمَعَادِنِ وَالنَّبَاتِ وَالدَّوَابِّ غَيْرَ مَقْدُورٍ لِبَنِي آدَمَ أَنْ

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست