responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 214
قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ فَسَادً السُّوقِ فَحَطَّ عَنْ سِعْرِ النَّاسِ: لَرَأَيْت أَنْ يُقَالَ لَهُ: إمَّا لَحِقْت بِسِعْرِ النَّاسِ، وَإِمَّا رَفَعْت، وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ يَعْنِي - لَا تَبِيعُوا إلَّا بِسِعْرِ كَذَا - فَلَيْسَ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَهْلِ الْأُبُلَّةِ، حِينَ حَطَّ سِعْرَهُمْ لِمَنْعِ الْبَحْرِ، فَكَتَبَ " خَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا السِّعْرُ بِيَدِ اللَّهِ ".
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ ": أَمَّا الْجَلَّابُونَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِمَّا جَلَبُوهُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ شَذَّ مِنْهُمْ، فَبَاعَ بِأَغْلَى مِمَّا يَبِيعُ بِهِ الْعَامَّةُ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ بِمَا تَبِيعُ بِهِ الْعَامَّةُ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ مِنْ السُّوقِ، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، إذْ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ فِي السُّوقِ فَقَالَ لَهُ: " إمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا "؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ بِالدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ أَقَلَّ مِمَّا كَانَ يَبِيعُ بِهِ أَهْلُ السُّوقِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْحَوَانِيتِ وَالْأَسْوَاقِ، الَّذِينَ يَشْتَرُونَ مِنْ الْجَلَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ جُمْلَةً، وَيَبِيعُونَ ذَلِكَ عَلَى أَيْدِيهِمْ مُقَطَّعًا، مِثْلُ اللَّحْمِ وَالْأُدْمِ، وَالْفَوَاكِهِ، فَقِيلَ: إنَّهُمْ كَالْجَلَّابِينَ، لَا يُسَعَّرُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ بِيَاعَاتِهِمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ شَذَّ مِنْهُمْ وَخَرَجَ عَنْ الْجُمْهُورِ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ مِنْ السُّوقِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ: إنَّهُمْ فِي هَذَا بِخِلَافِ الْجَالِبِينَ، لَا يُتْرَكُونَ عَلَى الْبَيْعِ بِاخْتِيَارِهِمْ إذَا أَغْلُوا عَلَى النَّاسِ، وَلَمْ يَقْتَنِعُوا مِنْ الرِّبْحِ بِمَا يُشْبِهُ.
وَعَلَى صَاحِبِ السُّوقِ الْمُوَكَّلِ بِمَصْلَحَتِهِ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَشْتَرُونَ بِهِ، فَيَجْعَلُ لَهُمْ مِنْ الرِّبْحِ مَا يُشْبِهُ، وَيَنْهَاهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ، وَيَتَفَقَّدُ السُّوقَ أَبَدًا، فَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الرِّبْحِ الَّذِي جَعَلَ لَهُمْ، فَمَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ عَاقَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ السُّوقِ.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَاللَّيْثُ، وَرَبِيعَةُ.
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: لَا تَبِيعُوا إلَّا بِكَذَا وَكَذَا، رَبِحْتُمْ أَوْ خَسِرْتُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَشْتَرُونَ بِهِ، وَلَا أَنْ يَقُولَ لَهُمْ فِيمَا قَدْ اشْتَرَوْهُ: لَا تَبِيعُوهُ إلَّا بِكَذَا وَكَذَا، مِمَّا هُوَ مِثْلُ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلُّ.
وَإِذَا ضَرَبَ لَهُمْ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ مَا يَشْتَرُونَ: لَمْ يَتْرُكْهُمْ أَنْ يُغْلُوا فِي الشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَزِيدُوا فِي الرِّبْحِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي حُدَّ لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ يَتَسَاهَلُونَ فِي الشِّرَاءِ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الرِّبْحَ لَا يَفُوتُهُمْ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّهُ عَارَضَ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ دَاوُد بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست