responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 215
عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " أَنَّهُ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ بِسُوقِ الْمُصَلَّى، وَبَيْنَ يَدَيْهِ غِرَارَتَانِ فِيهِمَا زَبِيبٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِعْرِهِمَا؟ فَقَالَ لَهُ: مُدَّيْنِ لِكُلِّ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: قَدْ حُدِّثْت بَعِيرٍ جَاءَتْ مِنْ الطَّائِفِ تَحْمِلُ زَبِيبًا، وَهُمْ يَغْتَرُّونَ بِسِعْرِك، فَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تُدْخِلَ زَبِيبَك الْبَيْتَ، فَتَبِيعَهُ كَيْفَ شِئْت، فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ حَاسَبَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَى حَاطِبًا فِي دَارِهِ، فَقَالَ: إنَّ الَّذِي قُلْتَ لَك لَيْسَ عَزْمَةً مِنِّي، وَلَا قَضَاءً، إنَّمَا هُوَ الشَّيْءُ أَرَدْت بِهِ الْخَيْرَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَحَيْثُ شِئْت فَبِعْ، وَكَيْفَ شِئْت فَبِعْ ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مُسْتَقْصًى.
وَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَلَكِنَّهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْحَدِيثِ، أَوْ رَوَاهُ عَنْهُ مَنْ رَوَاهُ، وَهَذَا أَتَى بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ وَآخِرِهِ، وَبِهِ أَقُولُ، لِأَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ إلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَلْزَمُهُمْ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا.
وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ: فَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: الَّذِي يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ حَطَّ عَنْهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ: هُوَ السِّعْرُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ النَّاسِ، فَإِذَا انْفَرَدَ مِنْهُمْ الْوَاحِدُ وَالْعَدَدُ الْيَسِيرُ بِحَطِّ السِّعْرِ: أُمِرُوا بِاللِّحَاقِ بِسِعْرِ النَّاسِ، أَوْ تَرْكِ الْبَيْعِ، فَإِنْ زَادَ فِي السِّعْرِ وَاحِدٌ، أَوْ عَدَدٌ يَسِيرٌ: لَمْ يُؤْمَرْ الْجُمْهُورُ بِاللِّحَاقِ بِسِعْرِهِ، لِأَنَّ الْمُرَاعَى حَالُ الْجُمْهُورِ، وَبِهِ تُقَوَّمُ الْمَبِيعَاتُ.
وَهَلْ يُقَامُ مَنْ زَادَ فِي السُّوقِ - أَيْ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ بِالدَّرَاهِمِ - كَمَا يُقَامُ مَنْ نَقَصَ مِنْهُ؟ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْمَالِكِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ: " وَلَكِنَّ مَنْ حَطَّ سِعْرًا "، فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ: أَرَادَ مَنْ بَاعَ خَمْسَةً بِدِرْهَمٍ، وَالنَّاسُ يَبِيعُونَ ثَمَانِيَةً، وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ: أَرَادَ مَنْ بَاعَ ثَمَانِيَةً، وَالنَّاسُ يَبِيعُونَ خَمْسَةً، فَيُفْسِدُ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ بَيْعَهُمْ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الشَّغَبِ وَالْخُصُومَةِ.
قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مَمْنُوعَانِ؛ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ ثَمَانِيَةً - وَالنَّاسُ يَبِيعُونَ خَمْسَةً - أَفْسَدَ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ بَيْعَهُمْ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الشَّغَبِ وَالْخُصُومَةِ، فَمَنْعُ الْجَمِيعِ مَصْلَحَةٌ.
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ أَهْلِ السُّوقِ.
وَأَمَّا الْجَالِبُ: فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا يُمْنَعُ الْجَالِبُ أَنْ يَبِيعَ فِي السُّوقِ دُونَ بَيْعِ النَّاسِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا عَدَا الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ بِسِعْرِ النَّاسِ وَإِلَّا رَفَعُوا، وَأَمَّا جَالِبُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ: فَيَبِيعُ كَيْفَ شَاءَ، إلَّا أَنَّ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ حُكْمَ أَهْلِ السُّوقِ، إنْ أَرْخَصَ بَعْضُهُمْ تَرَكُوا، وَإِنْ أَرْخَصَ أَكْثَرُهُمْ، قِيلَ لِمَنْ بَقِيَ: إمَّا أَنْ تَبِيعُوا كَبَيْعِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعُوا.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، مَأْكُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، دُونُ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْعِيرُهُ؛ لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ فِيهِ:

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست