responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 216
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: هَذَا إذَا كَانَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ مُتَسَاوِيًا، فَإِذَا اخْتَلَفَا، لَمْ يُؤْمَرْ صَاحِبُ الْجَيِّدِ أَنْ يَبِيعَهُ بِسِعْرِ الدُّونِ.
109 - (فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الَّتِي تَنَازَعُوا فِيهَا مِنْ التَّسْعِيرِ -: فَهِيَ أَنْ يَحُدَّ لِأَهْلِ السُّوقِ حَدًّا لَا يَتَجَاوَزُونَهُ، مَعَ قِيَامِهِمْ بِالْوَاجِبِ. فَهَذَا مَنَعَ مِنْهُ الْجُمْهُورُ، حَتَّى مَالِكٌ نَفْسُهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَنُقِلَ الْمَنْعُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَالِمٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - فِي صَاحِبِ السُّوقِ يُسَعِّرُ عَلَى الْجَزَّارِينَ: لَحْمَ الضَّأْنِ بِكَذَا، وَلَحْمَ الْإِبِلِ بِكَذَا، وَإِلَّا أُخْرِجُوا مِنْ السُّوقِ - قَالَ: إذَا سَعَّرَ عَلَيْهِمْ قَدْرَ مَا يَرَى مِنْ شِرَائِهِمْ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يَقُومُوا مِنْ السُّوقِ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ فِي هَذَا مَصْلَحَةً لِلنَّاسِ بِالْمَنْعِ مِنْ إغْلَاءِ السِّعْرِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْبَيْعِ بِغَيْرِ السِّعْرِ الَّذِي يَحُدُّهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ، عَلَى حَسَبَ مَا يَرَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.
وَأَمَّا الْجُمْهُورُ: فَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: بَلْ أَدْعُو اللَّهَ، ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: بَلْ اللَّهُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلِمَةٌ» قَالُوا: وَلِأَنَّ إجْبَارَ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ ظُلْمٌ لَهُمْ.
110 - (فَصْلٌ)
وَأَمَّا صِفَةُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَهُ، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ وُجُوهَ أَهْلِ سُوقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيُحْضِرَ غَيْرَهُمْ، اسْتِظْهَارًا عَلَى صِدْقِهِمْ، فَيَسْأَلُهُمْ: كَيْفَ يَشْتَرُونَ؟ وَكَيْفَ يَبِيعُونَ؟ فَيُنَازِلُهُمْ إلَى مَا فِيهِ لَهُمْ وَلِلْعَامَّةِ سَدَادٌ، حَتَّى يَرْضَوْا بِهِ، وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى التَّسْعِيرِ، وَلَكِنْ عَنْ رِضًى.
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَوَجْهُ هَذَا: أَنَّ بِهِ يَتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ مَصَالِحِ الْبَائِعِينَ وَالْمُشْتَرِينَ، وَيَجْعَلُ لِلْبَاعَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ مَا يَقُومُ بِهِمْ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ إجْحَافٌ بِالنَّاسِ، وَإِذَا سَعَّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ رِضًا، بِمَا لَا رِبْحَ لَهُمْ فِيهِ: أَدَّى ذَلِكَ إلَى فَسَادِ الْأَسْعَارِ، وَإِخْفَاءِ الْأَقْوَاتِ، وَإِتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست