responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 228
ورحمته بهم وتمجيده بالملك الأعظم في اليوم الذي لا يكون فيه ملك سواه حتى يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ويدينهم بأعمالهم ثم إفراده بنوعي التوحيد توحيد ربوبيته استعانة به وتوحيد إلهيته عبودية له ثم سؤاله أفضل مسئول وأجل مطلوب على الإطلاق وهو هداية الصراط المستقيم الذي نصبه لأنبيائه ورسله وأتباعهم وجعله صراطا موصلا لمن سلكه إليه وإلى جنته وأنه صراط من اختصهم بنعمته بأن عرفهم الحق وجعلهم متبعين له دون صراط أمة الغضب الذي عرفوا الحق ولم يتبعوه وأهل الضلال الذين ضلوا عن معرفته واتّباعه فتضمنت تعريف الرب والطريق الموصل إليه والغاية بعد الوصول وتضمنت الثناء والدعاء وأشرف الغايات وهي العبودية وأقرب الوسائل إليها وهي الاستعانة مقدما فيها على الوسيلة والمعبود المستعان على الفعل إيذانا لاختصاصه وإن ذلك لا يصلح إلا له سبحانه وتضمنت ذكر الإلهية والربوبية والرحمة فيثنى عليه ويعبد بإلهيته ويخلق ويرزق ويميت ويحيى ويدبر الملك ويضل من يستحق الإضلال ويغضب على من يستحق الغضب بربوبيته وحكمته وينعم ويرحم ويجود ويعفو ويغفر ويهدي ويتوب برحمته فلله كم في هذه السورة من أنواع المعارف والعلوم والتوحيد وحقائق الإيمان ثم يأخذ بعد ذلك في تلاوة ربيع القلوب وشفاء الصدور ونور البصائر وحياة الأرواح وهو كلام رب العالمين فيحل به في ما شاء من روضات مونقات وحدائق معجبات زاهية أزهارها مونقة ثمارها قد ذللت قطوفها تذليلا وسهلت لمتناولها تسهيلا فهو يجتني من تلك الثمار خيرا يؤمر به وشرا ينهى عنه وحكمة وموعظة وتبصرة وتذكرة وعبرة وتقريرا لحق ودحضا لباطل وإزالة لشبهة وجوابا عن مسألة وإيضاحا لمشكل وترغيبا في أسباب فلاح وسعادة وتحذيرا من أسباب خسران وشقاوة ودعوة إلى هدى ورد عن ردي فتنزل على القلوب نزول الغيث على الأرض التي لا حياة لها بدونه ويحل منها محل الأرواح من أبدانها فأي نعيم وقرة عين ولذة قلب وابتهاج وسرور لا يحصل له في هذه المناجاة والرب تعالى يسمع لكلامه جاريا على لسان عبده ويقول حمدني عبدي أثنى علي عبدي مجدني عبدي ثم يعود إلى تكبير ربه عز وجل فيجد ربه عهد التذكرة كونه أكبر من كل شيء بحق عبوديته وما ينبغي أن يعامل به ثم يرجع جاثيا له ظهره خضوعا لعظمته وتذللا لعزته واستكانة لجبروته مسبحا له بذكر اسمه العظيم فنزه عظمته عن حال العبد وذله وخضوعه وقابل تلك العظمة بهذا الذل والانحناء والخضوع قد تطامن وطأطأ رأسه وطوى ظهره وربه فوقه يرى خضوعه وذله ويسمع كلامه فهو ركن تعظيم وإجلال كما قال صلى الله عليه وسلم: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" ثم عاد إلى حاله من القيام حامدا لربه مثنيا عليه بأكمل محامده وأجمعها وأعمها مثنيا عليه بأنه أهل الثناء والمجد ومعترفا بعبوديته شاهدا بتوحيده وأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وأنه لا ينفع أصحاب الجدد والأموال والحظوظ جدودهم عنه ولو عظمت ثم يعود إلى تكبيره ويخر له ساجدا على أشرف ما فيه وهو الوجه فيعفره في التراب ذلا بين يديه ومسكنه وانكسارا وقد أخذ كل عضو من البدن حظه من هذا الخضوع حتى أطراف الأنامل ورؤوس الأصابع وندب له أن يسجد معه ثيابه وشعره فلا يكفيه وأن لا يكون بعضه محمولا على بعض وأن يتأسر التراب بجبهته وينال قبل وجهة المصلى ويكون رأسه أسفل ما فيه تكميلا للخضوع والتذليل لمن له العز كله والعظمة كلها وهذا أيسر اليسير من حقه على عبده فلو

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست