responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 347
لِكَوْنِهِ عَالِمًا مَخْصُوصًا، وَأَمَّا نَحْوُ قَوْلِهِ: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [العنكبوت: 44] فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ إِنَّهُ مَجَازٌ قَبْلَ ابْنِ جِنِّي بِنَاءً عَلَى مَا أَصْلُهُ مِنَ الْأَصْلِ الْفَاسِدِ: أَنَّ الْفِعْلَ مَوْضُوعٌ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْمَصْدَرِ، فَإِذَا اسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِهَا كَانَ مَجَازًا.
الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ: أَنَّهُ أَثْبَتَ الْمَجَازَ بِإِنْكَارِ عُمُومِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ لِلْكَائِنَاتِ، وَإِثْبَاتِ عِدَّةِ خَالِقِينَ مَعَهُ فَكَانَ دَلِيلُهُ أَخْبَثَ مِنَ الْحُكْمِ الْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهِ، وَقَدِ اتَّفَقَتِ الرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَجَمِيعُ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُدْرَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَأَنَّهُ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مِلْكِهِ مَا لَا يَشَاءُ، وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمَا عَصَاهُ أَحَدٌ، وَلَوْ شَاءَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ، وَأَنَّهُ أَعَانَ أَهْلَ طَاعَتِهِ بِمَا لَمْ يُعِنْ بِهِ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ، وَوَفَّقَ أَهْلَ الْإِيمَانِ لِمَا لَمْ يُوَفِّقْ لَهُ أَهْلَ الْكُفْرِ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْمُسْلِمَ مُسْلِمًا، وَأَنَّهُ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَخْرُجُ حَادِثٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَفْعَالِ عَنْ قُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ كَمَا لَا يَخْرُجُ عَنْ عِلْمِهِ وَمَشِيئَتِهِ، هَذَا دِينُ جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ، فَاسْتَدَلَّ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى أَنَّ خَلْقَ اللَّهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مَجَازٌ بِإِنْكَارِ ذَلِكَ وَدَفْعِهِ وَإِخْرَاجِ أَشْرَفِ مَا فِي مِلْكِهِ عَنْ قُدْرَتِهِ وَهُوَ طَاعَاتُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَمَلَائِكَتِهِ، فَلَمْ يَجْعَلْهُ قَادِرًا عَلَيْهَا وَلَا خَالِقًا لَهَا، وَكَانَ سَلَفُهُ الْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ لَا يَعْلَمُهَا قَبْلَ كَوْنِهَا، فَانْظُرْ إِلَى إِثْبَاتِ الْمَجَازِ مَاذَا جَنَى عَلَى أَهْلِهِ وَالَى أَيْنَ سَاقَهُمْ وَمَاذَا قَدَّمَ مِنْ مَعَاقِلِ الْإِيمَانِ، وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا الْحُكْمُ وَدَلِيلُهُ.
الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ عَلِمَ اللَّهُ قِيَامَ زَيْدٍ مَجَازٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَتِ الْحَالُ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ عَلَيْهَا قِيَامَ زَيْدٍ هِيَ الْحَالَةَ الَّتِي عَلِمَ عَلَيْهَا قُعُودَ عُمَرَ.
يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ عِلْمٌ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ: وَلَسْنَا نُثْبِتُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عِلْمًا لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِنَفْسِهِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ إِنْكَارِ صِفَاتِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا سَمْعَ وَلَا بَصَرَ وَلَا حَيَاةَ وَلَا إِرَادَةَ فَلَا يَقُولُونَ: عَالِمٌ بِعِلْمٍ وَلَا قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ وَلَا سَمِيعٌ بِسَمْعٍ، وَيَقُولُونَ: يَعْلَمُ وَيَسْمَعُ وَيَقْدِرُ بِلَا عِلْمٍ وَلَا قُدْرَةٍ وَلَا سَمْعٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ قَوْلُنَا عَلِمَ اللَّهُ قِيَامَ زَيْدٍ مَجَازًا عِنْدَهُمْ، إِذْ لَا عِلْمَ لَهُ، وَعِلْمُهُ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالصِّفَةِ وَلَيْسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عِنْدَهُمْ لِلَّهِ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ فَجَاءَ الْمَجَازُ وَانْتَفَتِ الْحَقِيقَةُ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: قَوْلُكُمْ إِنَّ الْحَالَ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ عَلَيْهَا قِيَامَ زَيْدٍ لَيْسَتْ هِيَ الْحَالَ الَّتِي

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست