responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 348
عَلِمَ عَلَيْهَا قِيَامَ عُمَرَ، هَذِهِ الْحَالُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ أَمْ عَدَمِيٌّ؟ فَإِنْ كَانَتْ عَدَمِيَّةً فَهِيَ لَا شَيْءَ، كَاسْمِهَا، وَإِنْ كَانَتْ وُجُودِيَّةً فَإِمَّا أَنْ تَقُومَ بِالْعِلْمِ أَوْ بِالْمَعْلُومِ أَوْ بِنَفْسِهَا، وَقِيَامُهَا بِنَفْسِهَا مُحَالٌ لِأَنَّهَا مَعْنًى، وَقِيَامُهَا أَيْضًا بِالْمَعْلُومِ مُحَالٌ، لِأَنَّهَا لَوْ قَامَتْ مِنْهُ لَكَانَ هُوَ الْعَالِمَ الْمُدْرِكَ، فَتَعَيَّنَ قِيَامُهَا بِالْعَالِمِ، وَهَذِهِ هِيَ صِفَةُ الْعِلْمِ الَّتِي أَنْكَرْتُمُوهَا، وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى دَفْعِهِ.
وَلِهَذَا لَمَّا أَقَرَّ بِهِ ابْنُ سِينَا أَلْزَمَهُ ابْنُ الْخَطِيبِ بِثُبُوتِ الصِّفَاتِ إِلْزَامًا لَا مَحِيدَ لَهُ عَنْهُ، فَجَاءَ ثَوْرُ طُوسَ، وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، فَفَرَّ إِلَى مَا أَضْحَكَ مِنْهُ الْعُقَلَاءَ، وَقَالَ: أَقُولُ: إِنَّ الْعِلْمَ هُوَ نَفْسُ الْمَعْلُومِ، أَعْجَبُ مِنْ ضَلَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَفَسَادِ عُقُولِهِمْ أَيَكُونُ الضَّارِبُ هُوَ نَفْسَ الْمَضْرُوبِ، وَالشَّاتِمُ نَفْسَ الْمَشْتُومِ، وَالذَّابِحُ هُوَ نَفْسَ الْمُذْبَحِ، وَالنَّاكِحُ هُوَ نَفْسَ الْمَنْكُوحِ؟
هَذَا أَشَدُّ مُنَاقَضَةً لِلْعُقُولِ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْخَلْقُ نَفْسُ الْمَخْلُوقِ، فَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْفِعْلَ هُوَ عَيْنَ الْمَفْعُولِ، وَلَمْ يُثْبِتُوا لِلْفَاعِلِ فِعْلًا يَقُومُ بِهِ، وَهَذَا جَعَلَ الْعِلْمَ نَفْسَ الْمَعْلُومِ، لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَالِمِ عِلْمًا يَقُومُ بِهِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: قَوْلُكَ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا ضَرَبْتُ عُمَرَ مَجَازٌ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ التَّجَوُّزِ فِي الْفِعْلِ وَأَنَّكَ إِنَّمَا فَعَلْتَ بَعْضَ الضَّرْبِ لَا جَمِيعَهُ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّكَ إِنَّمَا ضَرَبْتَ بَعْضَهُ لَا جَمِيعَهُ.
فَيُقَالُ: الْأَمْرُ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْ لَفْظَةَ ضَرَبْتُ زَيْدًا لِغَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ نَقَلَتْهُ إِلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ مَجَازًا فِيهِ، بَلْ لَمْ تَضَعْهُ وَلَمْ تَسْتَعْمِلْهُ قَطُّ إِلَّا فِيمَا يَفْهَمُ مِنْهُ كُلُّ أَحَدٍ، فَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ كَذِبٌ ظَاهِرٌ عَلَى اللُّغَةِ، فَلَوْ أَنَّهُمْ وَضَعُوا ضَرَبْتُ زَيْدًا لِوُقُوعِ الضَّرْبِ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، ثُمَّ نَقَلُوهُ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي إِيقَاعِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ بَدَنِهِ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا فِيهِ، بَلِ اسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ لَا يَخْتَصُّ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، بَلْ جَمِيعُ الْأُمَمِ عَلَى اخْتِلَافِ لُغَاتِهَا لَا يُرِيدُونَ غَيْرَ هَذَا الْمَفْهُومِ، فَدَعْوَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ الَّتِي وُضِعَ لَهَا اللَّفْظُ تُخَالِفُ ذَلِكَ دَعْوَى كَاذِبَةٌ، بَلْ حَقِيقَةُ هَذَا اللَّفْظِ الَّتِي وُضِعَ وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ لِسَانٍ هِيَ إِمْسَاسُ بَعْضِ الْمَضْرُوبِ بِآلَةِ الضَّرْبِ، لَا يُعْرَفُ لَهُ حَقِيقَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ الْبَتَّةَ.
الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّ الْأَفْعَالَ تَخْتَلِفُ مَحَالُّهَا وَمُتَعَلِّقَاتُهَا، فَمِنْهَا مَا يَكُونُ الْفِعْلُ فِيهِ شَامِلًا لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَفْعُولِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ كَقَوْلِكَ خَلَقَ اللَّهُ زَيْدًا وَأَوْجَدَهُ وَكَوَّنَهُ وَأَحْدَثَهُ، وَمِنْهَا مَا يَقَعُ الْفِعْلُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَحَلِّ دُونَ بَاطِنِهِ كَقَوْلِكَ اغْتَسَلَ زَيْدٌ، وَمِنْهَا مَا يَقَعُ عَلَى بَاطِنِهِ دُونَ ظَاهِرِهِ نَحْوَ فَرِحَ زَيْدٌ وَرَضِيَ وَغَضِبَ وَأَحَبَّ وَأَبْغَضَ،

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست