responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 349
وَمِنْهَا مَا يَقَعُ عَلَى بَعْضِ جَوَارِحِهِ نَحْوَ قَامَ وَتَكَلَّمَ وَأَحْدَثَ وَأَبْصَرَ وَجَامَعَ وَقَبَّلَ وَخَالَطَ وَكَتَبَ، فَيُنْسَبُ الْفِعْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى جُمْلَتِهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَجَازٌ جَاهَرَ بِالْبَهْتِ وَالْكَذِبِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ قَطُّ لِغَيْرِ مَعَانِيهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْهَا وَلَمْ تَنْقُلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا إِلَى غَيْرِهِ.
وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّ الصِّفَاتِ تَجْرِي عَلَى مَوْصُوفَاتِهَا حَقِيقَةً، فَمِنْهَا مَا يَكُونُ لِبَاطِنِهِ دُونَ ظَاهِرِهِ كَعَالِمٍ وَعَاقِلٍ وَمُحِبٍّ وَمُبْغِضٍ وَحَسُودٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ صِفَةً لِلظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ كَأَسْوَدَ وَأَبْيَضَ وَأَحْمَرَ وَطَوِيلٍ وَقَصِيرٍ، وَمِنْهَا مَا يَعُمُّ الظَّاهِرَ كُلَّهُ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَمِنْهَا مَا يَخُصُّ بَعْضَهُ كَأَعْرَجَ وَأَحْدَبَ وَأَشْهَلَ وَأَقْرَعَ وَأَخْرَسَ وَأَعْمَى وَأَصَمَّ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ الْفَاعِلِينَ، مِنْهَا مَا يَعُمُّ جَمِيعَ الذَّاتِ، كَالْمُسَافِرِ وَمُنْتَقِلٍ، وَمِنْهَا مَا يَخُصُّ بَعْضَ الذَّاتِ كَكَاتِبٍ وَصَانِعٍ، وَالْفِعْلُ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَاسْمُ الْفِعْلِ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدٌ مِنَ النِّسْبَةِ حَقِيقَةَ أَنْ يَصْدُرَ الْفِعْلُ عَنِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَجَمِيعِ الْأَجْزَاءِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَاعِلِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَفْعُولِ أَنْ يَعُمَّ الْفِعْلُ أَجْزَاءَهُ جَمِيعًا، بَلْ مِنَ الْأَفْعَالِ مَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَفْعُولِ نَحْوَ أَكَلْتُ الرَّغِيفَ، وَمِنْهَا مَا يُخْتَصُّ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ نَحْوَ قَطَعْتُ الْخَشَبَ وَالْعِمَامَةَ، إِذَا أَوْقَعْتَ الْقَطْعَ فِي وَسَطِهَا أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ حَاوَلَ إِنْسَانٌ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَجَازًا وَقَالَ: مَا قَطَعَ الْخَشَبَةَ وَلَا الْعِمَامَةَ لَعُدَّ كَاذِبًا.
وَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء: 63] لَمْ يَفْهَمْ مُوسَى أَنَّ حَقِيقَةَ ذَلِكَ ضَرْبُ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَحْرِ بِعَصَاهُ، بَلِ الَّذِي امْتَثَلَهُ هُوَ حَقِيقَةُ الضَّرْبِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا مَجَازٌ مِنْ جِهَةِ الضَّرْبِ وَمِنْ جِهَةِ الْعَصَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَضْرُوبِ، وَطَرِيقُ التَّخَلُّصِ إِلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَأْتِيَ بِكَلَامٍ فِي غَايَةِ الْغَيِّ وَالِاسْتِكْرَاهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَيَقُولُ: أَوْقَعَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الضَّرْبِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَصَاكَ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَحْرِ، فَهَذِهِ السَّمَاجَةُ وَالْغَثَاثَةُ عِنْدَهُمْ هِيَ الْحَقِيقَةُ وَتِلْكَ الْفَصَاحَةُ وَالْبَلَاغَةُ عِنْدَهُمْ هِيَ الْمَجَازُ.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَحَذْلِقِينَ أَنَّ قَوْلَكَ: جَاءَ زَيْدٌ، وَكَلَّمْتُ زَيْدًا، وَنَحْوَهُ مَجَازٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ زَيْدًا اسْمٌ لِهَذَا الْمَوْجُودِ، وَهُوَ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ إِلَى الْآنَ قَدْ ذَهَبَتْ أَجْزَاؤُهُ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي تَحَلُّلٍ وَاسْتِخْلَافٍ فَلَيْسَ زَيْدٌ الْآنَ هُوَ الْمَوْجُودَ وَقْتَ التَّسْمِيَةِ، فَقَدْ أُطْلِقَ الِاسْمُ عَلَى غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ أَوَّلًا، وَأَثْبَتَ هَذَا

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست