responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 598
زَعْمِهِمْ أَقْوَى مِنَ الْجَزْمِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى تِلْكَ الْقَضَايَا الْوَهْمِيَّةِ، فَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ هَذَا وَهَذَا، وَمَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْأَمْرَيْنِ يَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ لِقَضَايَاهُمُ الْبَاطِلَةِ: قَوَاطِعُ عَقْلِيَّةٌ وَبَرَاهِينُ يَقِينِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ لِنُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: ظَوَاهِرُ سَمْعِيَّةٌ لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ، قَدْ يَقَعُ لَهُ صِحَّةُ قَوْلِهِمْ تَقْلِيدًا لَهُمْ وَإِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَاسْتِنَادًا إِلَى بَعْضِ الشُّبَهِ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا وَأَمَّا الْمُسْتَبْصِرُ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيمَا عِنْدَ الْقَوْمِ فَإِنَّهُ يَجْزِمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّ قَضَايَاهُمُ الَّتِي خَالَفُوا فِيهَا النُّصُوصَ لَا تُفِيدُ عِلْمًا وَلَا ظَنًّا الْبَتَّةَ، بَلْ يَقُولُونَ: صَرِيحُ الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ تَشْهَدُ بِكَذِبِهَا وَبُطْلَانِهَا، وَإِنِ اتَّفَقَ عَلَيْهَا طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ، فَأَكْثَرُ طَوَائِفِ أَهْلِ الْبَاطِلِ جَمِيعُهُمْ تَجِدُ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مُتَّفِقِينَ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ وَفِطْرَةِ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَالْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَشْهَدُ عَلَى مُخَالِفِيهَا بِأَنَّهُمْ خَالَفُوا صَرِيحَ الْمَعْقُولِ وَالْفِطْرَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ طَرَفًا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مِمَّا خَالَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ وَالْفَلَاسِفَةُ صَرِيحَ الْمَعْقُولِ فِيهِ. وَالْعَجَبُ أَنَّكَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَقْطَعُ بِالْقَوْلِ وَيُكَفِّرُ مَنْ خَالَفَهُ ثُمَّ يَقْطَعُ هُوَ بِخِلَافِهِ أَوْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِيهِمْ جِدًّا.
قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ: كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْمُبْتَدَعَةِ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّهُمْ يَدَّعُونَ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ مُلْتَزِمُونَ فِي الظَّاهِرِ شِعَارَهَا يَرَوْنَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ هُوَ الْحَقُّ غَيْرَ أَنَّ الطُّرُقَ تَفَرَّقَتْ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَحْدَثُوا فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَعَمَ كُلُّ فَرِيقٍ أَنَّهُ هُوَ الْمُتَمَسِّكُ بِشَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ الْحَقَّ الَّذِي قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ وَيَنْتَحِلُهُ.
غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَى أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ وَالْعَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ إِلَّا مَعَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْآثَارِ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا دِينَهُمْ وَعَقَائِدَهُمْ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَقَرْنًا عَنْ قَرْنٍ إِلَى أَنِ انْتَهَوْا إِلَى التَّابِعِينَ وَأَخَذَهُ التَّابِعُونَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ مِنَ الدِّينِ الْمُسْتَقِيمِ وَالصِّرَاطِ الْقَوِيمِ إِلَّا هَذَا الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا سَائِرُ الْفِرَقِ فَطَلَبُوا الدِّينَ بِغَيْرِ طَرِيقِهِ لِأَنَّهُمْ رَجَعُوا إِلَى مَعْقُولِهِمْ وَخَوَاطِرِهِمْ وَآرَائِهِمْ، فَإِذَا سَمِعُوا شَيْئًا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَرَضُوهُ عَلَى مِعْيَارِ عُقُولِهِمْ، فَإِنِ اسْتَقَامَ لَهُمْ قَبِلُوهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ فِي مِيزَانِ عُقُولِهِمْ رَدُّوهُ، فَإِنِ اضْطُرُّوا إِلَى قَبُولِهِ حَرَّفُوهُ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 598
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست