responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 599
بِالتَّأْوِيلَاتِ الْبَعِيدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُسْتَكْرَهَةِ فَحَادُوا عَنِ الْحَقِّ وَزَاغُوا عَنْهُ وَنَبَذُوا الدِّينَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَعَلَوُا السُّنَّةَ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَجَعَلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمَامَهُمْ، وَطَلَبُوا الدِّينَ مِنْ قِبَلِهَا وَمَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ مَعْقُولِهِمْ وَخَوَاطِرِهِمْ وَآرَائِهِمْ عَرَضُوهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ وَجَدُوهُ مُوَافِقًا لَهُمَا قَبِلُوهُ وَشَكَرُوا اللَّهَ حَيْثُ أَرَاهُمْ ذَلِكَ وَوَفَّقَهُمْ لَهُ، وَإِنْ وَجَدُوهُ مُخَالِفًا لَهُمَا تَرَكُوا مَا وَقَعَ لَهُمْ وَأَقْبَلُوا عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَرَجَعُوا بِالتُّهْمَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لَا يَهْدِيَانِ إِلَّا إِلَى الْحَقِّ، وَرَأْيُ الْإِنْسَانِ قَدْ يَكُونُ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلًا.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ وَهُوَ أَوْحَدُ أَهْلِ زَمَانِهِ قَالَ: مَا حَدَّثَتْنِي نَفْسِي بِشَيْءٍ إِلَّا طَلَبْتُ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ أُتِيَ بِهِمَا وَإِلَّا رَدَدْتُهُ.
(قَالَ) : وَمِمَّا يَدُلُّ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ عَلَى الْحَقِّ أَنَّكَ لَوْ طَلَعْتَ جَمِيعَ كُتُبِهِمُ الْمُصَنَّفَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، قَدِيمِهَا وَحَدِيثِهَا، وَجَدْتَهَا مَعَ اخْتِلَافِ بُلْدَانِهِمْ وَزَمَانِهِمْ وَتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمْ فِي الدِّيَارِ، وَسُكُونِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُطْرًا مِنَ الْأَقْطَارِ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَنَمَطٍ وَاحِدٍ، يَجْرُونَ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةٍ لَا يَحِيدُونَ عَنْهُ وَلَا يَمِيلُونَ عَنْهَا، قُلُوبُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ، وَنَقْلُهُمْ لَا تَرَى فِيهِ اخْتِلَافًا وَلَا تَفَرُّقًا فِي شَيْءٍ مَا، وَإِنْ قَلَّ، بَلْ لَوْ جَمَعْتَ جَمِيعَ مَا جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ وَنَقَلُوهُ عَنْ سَلَفِهِمْ وَجَدْتَهُ كَأَنَّهُ جَاءَ عَنْ قَلْبٍ وَاحِدٍ وَجَرَى عَلَى لِسَانٍ وَاحِدٍ، وَهَلْ عَلَى الْحَقِّ دَلِيلٌ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] وَقَالَ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] .
وَأَمَّا إِذَا نَظَرْتَ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ رَأَيْتَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ مُخْتَلِفِينَ شِيَعًا وَأَحْزَابًا، وَلَا تَكَادُ تَجِدُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الِاعْتِقَادِ، يُبَدِّعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، بَلْ يَرْتَقُونَ إِلَى التَّكْفِيرِ، يُكَفِّرُ الِابْنُ أَبَاهُ، وَالْأَخُ أَخَاهُ، وَالْجَارُ جَارَهُ، وَتَرَاهُمْ أَبَدًا فِي تَنَازُعٍ وَتَبَاغُضٍ وَاخْتِلَافٍ تَنْقَضِي أَعْمَارُهُمْ وَلَمْ تَتَّفِقْ كَلِمَاتُهُمْ {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14] أَوَمَا سَمِعْتَ بِأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مَعَ اجْتِمَاعِهِمْ فِي هَذَا اللَّوْنِ يُكَفِّرُ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْهُمُ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْبَصْرِيُّونَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَيُكَفِّرُ أَصْحَابُ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 599
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست