responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 197
بانيها ورافعها وَإِمَّا اسْتِدْلَالا مِنْهُ سُبْحَانَهُ بخلقها على مَا أخبر بِهِ من الْمعَاد وَالْقيمَة وَإِمَّا اسْتِدْلَالا مِنْهُ بربوبيته لَهَا على وحدانيته وَأَنه الله الَّذِي لَا إِلَه الا هُوَ وَإِمَّا اسْتِدْلَالا مِنْهُ بحسنها واستوائها والتئام اجزائها وَعدم الفطور فِيهَا على تَمام حكمته وَقدرته وَكَذَلِكَ مَا فِيهَا من الْكَوَاكِب وَالشَّمْس وَالْقَمَر والعجائب الَّتِي تتقاصر عقول الْبشر عَن قليلها فكم من قسم فِي الْقُرْآن بهَا كَقَوْلِه {وَالسَّمَاء ذَات البروج} {وَالسَّمَاء والطارق} {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} {والنجم إِذا هوى} والنجم الثاقب {فَلَا أقسم بالخنس} وَهِي الْكَوَاكِب الَّتِي تكون خنسا عِنْد طُلُوعهَا جوَار فِي مجْراهَا ومسيرها كنسا عِنْد غُرُوبهَا فاقسم بهَا فِي أحوالها الثَّلَاثَة وَلم يقسم فيكتابه بِشَيْء من مخلوقاته أَكثر من السَّمَاء والنجوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَهُوَ سُبْحَانَهُ يقسم بِمَا يقسم بِهِ من مخلوقاته لتَضَمّنه الايات والعجائب الدَّالَّة عَلَيْهِ وَكلما كَانَ اعظم آيَة وأبلغ فِي الدّلَالَة كَانَ إقسامه بِهِ اكثر من غَيره وَلِهَذَا يعظم هَذَا الْقسم كَقَوْلِه {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم} وَأظْهر الْقَوْلَيْنِ انه قسم بمواقع هَذِه النُّجُوم الَّتِي فِي السَّمَاء فَإِن اسْم النُّجُوم عِنْد الاطلاق إِنَّمَا ينْصَرف اليها وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لم تجر عَادَته سُبْحَانَهُ بِاسْتِعْمَال النُّجُوم فِي آيَات الْقُرْآن وَلَا فِي مَوضِع وَاحِد من كِتَابه حَتَّى تحمل عَلَيْهِ هَذِه الاية وَجَرت عَادَته بِاسْتِعْمَال النُّجُوم فِي الْكَوَاكِب فِي جَمِيع الْقُرْآن وَأَيْضًا فَإِن نَظِير الاقسام بمواقعها هُنَا إقسامه بهوى النَّجْم فِي قَوْله والنجم إذاهوى وايضا فَإِن هَذَا قَول جُمْهُور اهل التَّفْسِير وايضا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يقسم بِالْقُرْآنِ نَفسه لَا بوصوله إِلَى عباده هَذِه طَريقَة الْقُرْآن قَالَ الله تَعَالَى {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} {حم وَالْكتاب الْمُبين} ونظائره وَالْمَقْصُود انه سُبْحَانَهُ إِنَّمَا يقسم من مخلوقاتهبما هُوَ من آيَاته الدَّالَّة على ربوبيته ووحدانيته وَقد اثنى سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه على المتفكرين فِي خلق السَّمَوَات والارض وذم المعرضين عَن ذَلِك فَقَالَ {وَجَعَلنَا السَّمَاء سقفا مَحْفُوظًا وهم عَن آياتها معرضون} وَتَأمل خلق هَذَا السّقف الاعظم مَعَ صلابته وشدته ووثاقته من دُخان وَهُوَ بخار المَاء قَالَ الله تَعَالَى {وبنينا فَوْقكُم سبعا شدادا} وَقَالَ تَعَالَى {أأنتم أَشد خلقا أم السَّمَاء بناها رفع سمكها فسواها} وَقَالَ {وَجَعَلنَا السَّمَاء سقفا مَحْفُوظًا} فَانْظُر الى هَذَا الْبناء الْعَظِيم الشَّديد الْوَاسِع الَّذِي رفع سمكه اعظم ارْتِفَاع وزينه باحسن زِينَة وأودعه الْعَجَائِب والايات وَكَيف ابْتَدَأَ خلقه من بخار ارْتَفع من المَاء وَهُوَ الدُّخان
فسبحان من لَا يقدر الْخلق قدره ... وَمن هُوَ فَوق الْعَرْش فَرد موحد
لقد تعرف الى خلقه بأنواع التعرفات وَنصب لَهُم الدلالات واوضح لَهُم الايات الْبَينَات ليهلك من هلك عَن بَيِّنَة ويحيا من حييّ بَيِّنَة وان الله يسمع عليم فَارْجِع الْبَصَر الى السَّمَاء وَانْظُر فِيهَا وَفِي كواكبها ودورانها وطلوعها وغروبها وشمسها وقمرها وَاخْتِلَاف مشارقها وَمَغَارِبهَا ودؤوبها

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست