responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 214
مِنْهَا هَذَا حَقِيقَته فَإِنَّهُ لَو لم يكن ثمَّ مُرَاد يكون موردا للفكر اسْتَحَالَ الْفِكر لَان الْفِكر بِغَيْر مُتَعَلق متفكر فِيهِ محَال وَتلك الْموَاد هِيَ الامور الْحَاصِلَة وَلَو كَانَ الْمَطْلُوب بهَا حَاصِلا عِنْده لم يتفكر فِيهِ فَإِذا عرف هَذَا فالمتفكر ينْتَقل من الْمُقدمَات والمبادي الَّتِي عِنْده الى الْمَطْلُوب الَّذِي يُريدهُ فَإِذا ظفر بِهِ وَتحصل لَهُ تذكر بِهِ وابصر مواقع الْفِعْل وَالتّرْك وَمَا يَنْبَغِي ايثاره وَمَا يَنْبَغِي اجتنابه فالتذكر هُوَ مَقْصُود التفكر وثمرته فَإِذا تذكر عَاد بتذكرة على تفكره فاستخرج مَا لم يكن حَاصِلا عِنْده فَهُوَ لَا يزَال يُكَرر بتفكره على تذكره وبتذكره على تفكره مَا دَامَ عَاقِلا لَان الْعلم والارادة لَا يقفان على حد بل هُوَ دَائِما سَائِر بن الْعلم والارادة وَإِذا عرفت معنى كَون آيَات الرب تبَارك وَتَعَالَى تبصرة وذكرى يتبصر بهَا من عمى الْقلب ويتذكر بهَا من غفلته فان المضاد للْعلم اما عمى الْقلب وزواله بالتبصر وَإِمَّا غفلته وزواله بالتذكر وَالْمَقْصُود تَنْبِيه الْقلب من رقدته بالاشارة الى شَيْء من بعض آيَات الله وَلَو ذَهَبْنَا نتتبع ذَلِك لنفذ الزَّمَان وَلم نحط بتفصيل وَاحِدَة من آيَاته على التَّمام وَلَكِن مَالا يدْرك جملَة لَا يتْرك جملَة واحسن مَا انفقت فِيهِ الانفاس التفكر فِي آيَات الله وعجائب صنعه والانتقال مِنْهَا الى تعلق الْقلب والهمة بِهِ دون شَيْء من مخلوقاته فَلذَلِك عَقدنَا هَذِه الْكتاب على هذَيْن الاصلين إِذْ هما افضل مَا يكتسبه العَبْد فِي هَذِه الدَّار
فصل فسل الْمُعَطل الجاحد مَا تَقول فِي دولاب دائر على نهر قد احكمت
آلاته وَأحكم تركيبه وقدرت ادواته احسن تَقْدِير وأبلغه بِحَيْثُ لَا يرى النَّاظر فِيهِ خللا فِي مادته وَلَا فِي صورته وَقد جعل على حديقة عَظِيمَة فِيهَا من كل انواع الثِّمَار والزروع يسقيها حَاجَتهَا وَفِي تِلْكَ الحديقة من يلم شعثها وَيحسن مراعاتها وتعهدها وَالْقِيَام بِجَمِيعِ مصالحها فَلَا يخْتل مِنْهَا شَيْء وَلَا يتْلف ثمارها ثمَّ يقسم قيمتهَا عِنْد الْجذاذ على سَائِر المخارج بِحَسب حاجاتهم وضروراتهم فَيقسم لكل صنف مِنْهُم مَا يَلِيق بِهِ ويقسمه هَكَذَا على الدَّوَام اترى هَذَا اتِّفَاقًا بِلَا صانع وَلَا مُخْتَار وَلَا مُدبر بل اتّفق وجود ذَلِك الدولاب والحديقة وكل ذَلِك اتِّفَاقًا من غير فَاعل وَلَا قيم وَلَا مُدبر أفترى مَا يَقُول لَك عقلك فِي ذَلِك لَو كَانَ وَمَا الَّذِي يفتيك بِهِ وَمَا الَّذِي يرشدك اليه وَلَكِن من حِكْمَة الْعَزِيز الْحَكِيم ان خلق قلوبا عميا لَا بصائر لَهَا فَلَا ترى هَذِه الايات الباهرة إِلَّا رُؤْيَة الْحَيَوَانَات البهيمية كَمَا خلق اعينا لَا أبصار لَهَا وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بامره وَهِي لَا ترَاهَا فَمَا ذنبها ان انكرتها وجحدتها فَهِيَ تَقول فِي ضوء النَّهَار هَذَا ليل وَلَكِن اصحاب الاعين لَا يعْرفُونَ شَيْئا وَلَقَد احسن الْقَائِل
وهبني قلت هَذَا الصُّبْح ليل ... ايعمى الْعَالمُونَ عَن الضياء

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست