responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 218
وَلَا تِجَارَة وَلَا حراثة وَلَا مصلحَة وَكَيف كَانُوا يتهنون بالعيش والارض ترتج من تَحْتَهُ وَاعْتبر ذَلِك بِمَا يصيبهم من الزلازل على قلَّة مكثها كَيفَ تصيرهم الى ترك مَنَازِلهمْ والهرب عَنْهَا وَقد نبه الله تَعَالَى على ذَلِك بقوله {وَألقى فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم} وَقَوله تَعَالَى {الله الَّذِي جعل لكم الأَرْض قرارا} وَقَوله الله الَّذِي جعل لكم الارض مهدا وَفِي الْقِرَاءَة الاخرى مهادا وَفِي جَامع التِّرْمِذِيّ وَغَيره من حَدِيث انس بن مَالك عَن النَّبِي قَالَ لما خلق الله الارض جعلت تميد فخلق الْجبَال عَلَيْهَا فاستقرت فعجبت الْمَلَائِكَة من شدَّة الْجبَال فَقَالُوا يَا رب هَل من خلقك شَيْء اشد من الْجبَال قَالَ نعم الْحَدِيد قَالُوا يَا رب هَل من خلقك شَيْء أَشد من الْحَدِيد قَالَ نعم النَّار قَالُوا يَا رب فَهَل من خلقك شَيْء اشد من النَّار قَالَ نعم الرّيح قَالُوا يَا رب فَهَل من خلقك شَيْء اشد من الرّيح قَالَ نعم ابْن آدم يتَصَدَّق صَدَقَة بِيَمِينِهِ يخفيها عَن شِمَاله ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ليونة الارض مَعَ يبسها فانها لَو افرطت فِي اللين كالطين لم يسْتَقرّ عَلَيْهَا بِنَاء وَلَا حَيَوَان وَلَا تمَكنا من الِانْتِفَاع بهَا وَلَو افرطت فِي اليبس كالحجر لم يُمكن حرثها وَلَا زَرعهَا وَلَا شقها وفلحها وَلَا حفر عيونها وَلَا الْبناء عَلَيْهَا فنقصت عَن يبس الْحِجَارَة وزادت على ليونة الطين فَجَاءَت بِتَقْدِير فاطرها على احسن مَا جَاءَ عَلَيْهِ مهاد للحيوان من الِاعْتِدَال بَين اللين واليبوسة فتهيأ عَلَيْهَا جَمِيع الْمصَالح
فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ
من مهب الْجنُوب وَحِكْمَة ذَلِك ان تتحدر الْمِيَاه على وَجه الارض فتسقيها وترويها ثمَّ تفيض فتصب فِي الْبَحْر فَكَمَا ان الْبَانِي إِذا رفع سطحا رفع اُحْدُ جانبيه وخفض الاخر ليَكُون مصبا للْمَاء وَلَو جعله مستويا لقام عَلَيْهِ المَاء فافسده كَذَلِك جعل مهب الشمَال فِي كل بلد ارْفَعْ من مهب الْجنُوب وَلَوْلَا ذَلِك لبقي المَاء وَاقِفًا على وَجه الارض فَمنع النَّاس من الْعَمَل وَالِانْتِفَاع وَقطع الطّرق والمسالك واضر بالخلق افيحسن عِنْد من لَهُ مسكة من عقل ان يَقُول هَذَا كُله اتِّفَاق من غير تَدْبِير الْعَزِيز الْحَكِيم الَّذِي اتقن كل شَيْء
فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل
فضلَة فِي الارض لَا حَاجَة اليها وفيهَا من الْمَنَافِع مَالا يُحْصِيه الا خَالِقهَا وناصبها وَفِي حَدِيث إِسْلَام ضمام بن ثَعْلَبَة قَوْله للنَّبِي بِالَّذِي نصب الْجبَال واودع فِيهَا الْمَنَافِع آللَّهُ امرك بِكَذَا وَكَذَا قَالَ اللَّهُمَّ نعم فَمن مَنَافِعهَا ان الثَّلج يسْقط عَلَيْهَا فَيبقى فِي قللها حَاصِلا لشراب النَّاس الى حِين نقاذه وَجعل

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست