responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 223
ويقلبوه سحابا اَوْ ضبابا اَوْ يذهبوه عَن النَّاس ويكشفوه عَنْهُم وَلَو شَاءَ ربه تَعَالَى لحبس عَنهُ الرِّيَاح فاختنق على وَجه الارض فَأهْلك مَا عَلَيْهَا من الْحَيَوَان وَالنَّاس
فصل وَمن ذَلِك سَعَة الارض وامتدادها وَلَوْلَا ذَلِك لضاقت عَن مسَاكِن الانس
وَالْحَيَوَان وَعَن مَزَارِعهمْ ومراعيهم ومنابت ثمارهم واعشابهم فان قلت فَمَا حِكْمَة هَذِه القفار الخالية والفلوات الفارغة الموحشة فَاعْلَم ان فِيهَا معايش مَالا يُحْصِيه الا الله من الوحوش وَالدَّوَاب وَعَلَيْهَا ارزاقهم وفيهَا مطردهم ومنزلهم كالمدن والمساكن للانس وفيهَا مجالهم ومرعاهم ومصيفهم ومشتهاهم ثمَّ فِيهَا بعد متسع ومتنفس للنَّاس ومضطرب إِذا احتاجوا الى الِانْتِقَال والبدو والاستبدال بالاوطان فكم من بيداء سملق صَارَت قصورا وجنانا ومساكن وَلَوْلَا سَعَة الارض وفسحها لَكَانَ اهلها كالمحصورين والمحبوسين فِي أماكنهم لَا يَجدونَ عَنْهَا انتقالا إِذا فدحهم مَا يزعجهم عَنْهَا ويضطرهم الى النقلَة مِنْهَا وَكَذَلِكَ المَاء لَوْلَا كثرته وتدفقه فِي الاودية والانهار لضاق عَن حَاجَة النَّاس اليه ولغلب القوى الضَّعِيف واستبد بِهِ دونه فَيحصل الضَّرَر وتعظم البلية مَعَ شدَّة حَاجَة جَمِيع الْحَيَوَان اليه من الطير والوحوش وَالسِّبَاع فاقتضت الْحِكْمَة ان كَانَ بِهَذِهِ الْكَثْرَة وَالسعَة فِي كل وَقت وَأما النَّار فقد تقدم ان الْحِكْمَة اقْتَضَت كموتها مَتى شَاءَ العَبْد اوراها عِنْد الْحَاجة فَهِيَ وان لم تكن مبثوثة فِي كل مَكَان فانها عتيدة حَاصِلَة مَتى احْتِيجَ اليها وَاسِعَة لكل مَا يحْتَاج اليه مِنْهَا غير انها مودعة فِي أجسام جعلت معادن لَهَا للحكمة الَّتِي تقدّمت
فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي نزُول الْمَطَر على الارض من علو ليعم
بسقيه وهادها وتلولها وظرابها وآكامها ومنخفضها ومرتفعها وَلَو كَانَ رَبهَا تَعَالَى إِنَّمَا يسقيها من نَاحيَة من نَوَاحِيهَا لما اتى المَاء على النَّاحِيَة المرتفعة إِلَّا إِذا اجْتمع فِي السُّفْلى وَكثر وَفِي ذَلِك فَسَاد فاقتضت حكمته ان سَقَاهَا من فَوْقهَا فينشيء سُبْحَانَهُ السَّحَاب وَهِي روايا الارض ثمَّ يُرْسل الرِّيَاح فَتحمل المَاء من الْبَحْر وتلقحها بِهِ كَمَا يلقح الْفَحْل الانثى وَلِهَذَا تَجِد الْبِلَاد الْقَرِيبَة من الْبَحْر كَثِيرَة الامطار وَإِذا بَعدت من الْبَحْر قل مطرها وَفِي هَذَا الْمَعْنى يَقُول الشَّاعِر يصف السَّحَاب
شربن بِمَاء الْبَحْر ثمَّ ترفعت ... مَتى لجج خضر لَهُنَّ نئبج وَفِي الْمُوَطَّأ مَرْفُوعا وَهُوَ اُحْدُ الاحاديث الاربعة المقطوعة إِذا نشأت سَحَابَة بحريّة ثمَّ تشاءمت فَتلك عين غديقة فَالله سُبْحَانَهُ ينشيء المَاء فِي السَّحَاب إنْشَاء تَارَة يقلب الْهَوَاء مَاء وَتارَة يحملهُ الْهَوَاء من الْبَحْر فيلقح بِهِ السَّحَاب ثمَّ ينزل مِنْهُ على الارض للْحكم الَّتِي

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست