responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 243
الْقُوت خرجت من اسرابها طالبة لَهُ فَإِذا ظَفرت بِهِ اخذت طَرِيقا من اسرابها اليه وشرعت فِي نَقله فتراها رفقتين رفْقَة حاملة تحمله الى بيوتها سربا ذَاهِبًا ورفقة خَارِجَة من بيوتها اليه لاتخالط تِلْكَ فِي طريقها بل هما كالخيطين بِمَنْزِلَة جمَاعَة النَّاس الذاهبين فِي طَرِيق وَالْجَمَاعَة الراجعين من جانبهم فَإِذا ثقل عَلَيْهَا حمل الشَّيْء من تِلْكَ اجْتمعت عَلَيْهِ جمَاعَة من النَّمْل وتساعدت على حَملَة بِمَنْزِلَة الْخَشَبَة وَالْحجر الَّذِي تتساعد الفئة من النَّاس عَلَيْهِ فَإِذا كَانَ الَّذِي ظفر بِهِ مِنْهُنَّ وحدة ساعدها رفقتها عَلَيْهِ الى بَيتهَا وخلوا بَينهَا وَبَينه وَإِن كَانَ الَّذِي صادفه جمَاعَة تساعدن عَلَيْهِ ثمَّ تقاسمنه على بَاب الْبَيْت وَلَقَد اخبر بعض العارفين انه شَاهد مِنْهُنَّ يَوْمًا عجبا قَالَ رايت نملة جَاءَت الى شقّ جَرَادَة فزاولته فَلم تطق حمله من الارض فَذَهَبت غير بعيد ثمَّ جَاءَت مَعهَا بِجَمَاعَة من النَّمْل قَالَ فَرفعت ذَلِك الشق من الارض فَلَمَّا وصلت النملة برفقتها الى مَكَانَهُ دارت حوله ودرن مَعهَا فَلم يجدن شَيْئا فرجعن فَوَضَعته ثمَّ جَاءَت فصادفته فزاولته فَلم تطق رَفعه فَذَهَبت غير بعيد ثمَّ جَاءَت بِهن فَرَفَعته فدرن حول مَكَانَهُ فَلم يجدن شَيْئا فَذَهَبت فَوَضَعته فَعَادَت فَجَاءَت بِهن فَرَفَعته فدرن حول الْمَكَان فَلَمَّا لم يجدن شَيْئا تحلقن حَلقَة وجعلن تِلْكَ النملة فِي وَسطهَا ثمَّ تحاملن عَلَيْهَا فقطعنها عضوا عضوا وَأَنا انْظُر وَمن عَجِيب امْر الفطنة فِيهَا إِذا نقلت الْحبّ إِلَى مساكنها كَسرته لِئَلَّا ينْبت فَإِن كَانَ مِمَّا ينْبت الفلقتان مِنْهُ كَسرته اربعا فَإِذا اصابه ندا وبلل وخافت عَلَيْهِ الْفساد اخرجته للشمس ثمَّ ترده الى بيوتها وَلِهَذَا ترى فِي بعض الاحيان حبا كثيرا على أَبْوَاب مساكنها مكسرا ثمَّ تعود عَن قريب فَلَا ترى مِنْهُ وَاحِدَة وَمن فطنتها انها لَا تتَّخذ قريتها إِلَّا على نشر من الارض لِئَلَّا يفِيض عَلَيْهَا السَّيْل فيغرقها فَلَا ترى قَرْيَة نمل فِي بطن وَاد وَلَكِن فِي أَعْلَاهُ وَمَا ارْتَفع عَن السَّيْل مِنْهُ وَيَكْفِي فِي فطنتها مَا نَص الله عز وَجل فِي كِتَابه من قَوْلهَا لجَماعَة النَّمْل وَقد رَأَتْ سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَجُنُوده يَا ايها النَّمْل ادخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يحطمنكم سُلَيْمَان وجنوه وهم لايشعرون فتكلمت بِعشْرَة انواع من الْخطاب فِي هَذِه النَّصِيحَة النداء والتنبيه وَالتَّسْمِيَة والامر وَالنَّص والتحذير والتخصيص والتفهيم والتعميم والاعتذار فاشتملت نصيحتها مَعَ الِاخْتِصَار على هَذِه الانواع الْعشْرَة وَلذَلِك اعْجَبْ سلميان قَوْلهَا وَتَبَسم ضَاحِكا مِنْهُ وسال الله ان يوزعه شكر نعْمَته عَلَيْهِ لما سمع كَلَامهَا وَلَا تستبعد هَذِه الفطنة من امة من الامم تسبح بِحَمْد رَبهَا كَمَا فِي الصَّحِيح عَن النَّبِي قَالَ نزل نَبِي من الانبياء تَحت شَجَرَة فلدغته نملة فَأمر بجهازه فَأخْرجهُ ثمَّ احْرِقْ قَرْيَة النَّمْل فَأوحى الله إِلَيْهِ من اجل ان لدغتك نملة احرقت امة من الامم تسبح فَهَلا نملة وَاحِدَة

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست