responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 25
الَّتِي اخبرت بهَا الرُّسُل لاممهم ووعدها الرَّحْمَن عباده بِالْغَيْبِ فَحَيْثُ ذكرت انْصَرف الذِّهْن اليها دون غَيرهَا لانها قد صَارَت مَعْلُومَة فِي الْقُلُوب مُسْتَقِرَّة فِيهَا وَلَا ينْصَرف الذِّهْن الى غَيرهَا وَلَا يتَوَجَّه الْخطاب الى سواهَا وَقد جَاءَت الْجنَّة فِي الْقُرْآن معرفَة بِاللَّامِ وَالْمرَاد بهَا بُسْتَان فِي بقْعَة من الارض كَقَوْلِه تَعَالَى إِنَّا بلوناهم كَمَا بلونا اصحاب الْجنَّة إِذْ اقسموا ليصرمنها مصبحين فَهَذَا لَا ينْصَرف الذِّهْن فِيهَا الى جنَّة الْخلد وَلَا الى جنَّة آدم بِحَال قَالُوا وَمَا قَوْلكُم انه قد اتّفق اهل السّنة وَالْجَمَاعَة على ان الْجنَّة وَالنَّار مخلوقتان وَإنَّهُ لم يُنَازع فِي ذَلِك إِلَّا بعض أهل الْبدع والضلال واستدلالكم على وجود الْجنَّة الان فَحق لاننازعكم فِيهِ وَعِنْدنَا من الادلة على وجودهَا اضعاف مَا ذكرْتُمْ وَلَكِن أَي تلازم بَين ان تكون جنَّة الْخلد مخلوقة وَبَين ان تكون هِيَ جنَّة آدم بِعَينهَا فكانكم تَزْعُمُونَ ان كل من قَالَ ان جنَّة آدم هِيَ جنَّة فِي الارض فَلَا بُد لَهُ ان يَقُول ان الْجنَّة وَالنَّار لم يخلقا بعد وَهَذَا غلط مِنْكُم منشؤه من توهمكم ان كل من قَالَ بِأَن الْجنَّة لم تخلق بعد فَإِنَّهُ يَقُول ان جنَّة آدم هِيَ فِي الارض كَذَلِك بِالْعَكْسِ ان كل من قَالَ ان جنَّة آدم فِي الارض فَيَقُول ان الْجنَّة لم تخلق فَأَما الاول فَلَا ريب فِيهِ وَأما الثَّانِي فَوَهم لَا تلازم بَينهمَا لافي الْمَذْهَب وَلَا فِي الدَّلِيل فَأنْتم نصبتم دليلكم مَعَ طَائِفَة نَحن وانتم متفقون على انكار قَوْلهم ورده وابطاله وَلَكِن لَا يلْزم من هَذَا بطلَان هَذَا القَوْل الثَّالِث وَهَذَا وَاضح قَالُوا وَأما قَوْلكُم ان جَمِيع مَا نَفَاهُ الله سُبْحَانَهُ عَن الْجنَّة من اللَّغْو وَالْعَذَاب وَسَائِر الافات الَّتِي وجد بَعْضهَا من ابليس عَدو الله فَهَذَا إِنَّمَا يكون بعد الْقِيَامَة إِذا دَخلهَا الْمُؤْمِنُونَ كَمَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق فَجَوَابه من وَجْهَيْن احدهما ان ظَاهر الْخَبَر يَقْتَضِي نَفْيه مُطلقًا لقَوْله تَعَالَى لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم وَلقَوْله تَعَالَى لَا تسمع فِيهَا لاغية فَهَذَا نفي عَام لَا يجوز تَخْصِيصه الا بمخصص بَين وَالله سُبْحَانَهُ قد حكم بانها دَار الْخلد حكما مُطلقًا فَلَا يدخلهَا الا خَالِد فِيهَا فتخصيصكم هَذِه التَّسْمِيَة بِمَا بعد الْقِيَامَة خلاف الظَّاهِر الثَّانِي ان مَا ذكرْتُمْ إِنَّمَا يُصَار اليه إِذا قَامَ الدَّلِيل السَّالِم عَن الْمعَارض المقاوم انها جنَّة الْخلد بِعَينهَا وَحِينَئِذٍ يتَعَيَّن الْمصير الى مَا ذكرْتُمْ فَأَما إِذا لم يقم دَلِيل سَالم على ذَلِك وَلم تجمع الامة عَلَيْهِ فَلَا يسوغ مُخَالفَة مَا دلّت عَلَيْهِ النُّصُوص الْبَيِّنَة بِغَيْر مُوجب وَالله اعْلَم قَالُوا وَمِمَّا يدل على انها لَيست جنَّة الْخلد الَّتِي وعدها المتقون ان الله سُبْحَانَهُ لما خلق آدم اعلمه ان لعمره اجلا يَنْتَهِي اليه وَأَنه لم يخلقه للبقاء وَيدل على هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ حَدثنَا صَفْوَان بن عِيسَى حَدثنَا الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن ابْن ابي زياب عَن سعيد بن ابي سعيد المَقْبُري عَن ابي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله لما خلق الله آدم وَنفخ فِيهِ الرّوح عطس فَقَالَ الْحَمد لله يَا رب فَقَالَ لَهُ ربه يَرْحَمك الله يَا آدم إذهب الى اولئك الْمَلَائِكَة إِلَى ملاء مِنْهُم جُلُوس فَقل السَّلَام

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست