responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 250
السكر 4 من طرق عديدة لَا تمنع وبراهين كَثِيرَة لاتدفع وَمَتى رايت السكر يجلو بلغما ويذيب خلطا اَوْ يشفى من دَاء وَإِنَّمَا غَايَته بعض التَّنْفِيذ للدواء الى الْعُرُوق للطافته وحلاوته وَأما الشِّفَاء الْحَاصِل من الْعَسَل فقد حرمه الله كثيرا من النَّاس حَتَّى صَارُوا يذمونه ويخشون غائلته من حرارته وحدته وَلَا ريب ان كَونه شِفَاء وَكَون الْقُرْآن شِفَاء وَالصَّلَاة شِفَاء وَذكر الله والاقبال عَلَيْهِ شِفَاء امْر لَا يعم الطبائع والانفس فَهَذَا كتاب الله هُوَ الشِّفَاء النافع وَهُوَ اعظم الشِّفَاء وَمَا اقل المستشفين بِهِ بل لَا يزِيد الطبائع الرَّديئَة رداءة وَلَا يزِيد الظَّالِمين الا خسارا وَكَذَلِكَ ذكر الله والاقبال عَلَيْهِ والانابة اليه والفزع الى الصَّلَاة كم قد شفي بِهِ من عليل وَكم قد عوفي بِهِ من مَرِيض وَكم قَامَ مقَام كثير من الادوية الَّتِي لَا تبلغ قَرِيبا من مبلغه فِي الشِّفَاء وَأَنت ترى كثيرا من النَّاس بل اكثرهم لَا نصيب لَهُم من الشِّفَاء بذلك اصلا وَلَقَد رايت فِي بعض كتب الاطباء الْمُسلمين فِي ذكر الادوية المفردة ذكر الصَّلَاة ذكرهَا فِي بَاب الصَّاد وَذكر من مَنَافِعهَا فِي الْبدن الَّتِي توجب الشِّفَاء وُجُوهًا عديدة وَمن مَنَافِعهَا فِي الرّوح وَالْقلب وَسمعت شَيخنَا ابا الْعَبَّاس بن تَيْمِية رَحمَه الله يَقُول وَقد عرض لَهُ بعض الالم فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب اضر مَا عَلَيْك الْكَلَام فِي الْعلم والفكر فِيهِ والتوجه وَالذكر فَقَالَ الستم تَزْعُمُونَ ان النَّفس إِذا قويت وفرحت اوجب فرحها لَهَا قُوَّة تعين بهَا الطبيعة على دفع الْعَارِض فَإِنَّهُ عدوها فَإِذا قويت عَلَيْهِ قهرته فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب بلَى فَقَالَ إِذا اشتغلت نَفسِي بالتوجه وَالذكر وَالْكَلَام فِي الْعلم وظفرت بِمَا يشكل عَلَيْهَا مِنْهُ فرحت بِهِ وقويت فَأوجب ذَلِك دفع الْعَارِض هَذَا اَوْ نَحوه من الْكَلَام وَالْمَقْصُود ان ترك كثير من النَّاس الِاسْتِشْفَاء بالعسل لَا يُخرجهُ عَن كَونه شِفَاء كَمَا ان ترك اكثرهم الِاسْتِشْفَاء بِالْقُرْآنِ من امراض الْقُلُوب لَا يُخرجهُ عَن كَونه شِفَاء لَهَا وَهُوَ شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَإِن لم يسْتَشف بِهِ اكثر المرضى كَمَا قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس قد جاءتكم موعظة من ربكُم وشفاء لما فِي الصُّدُور وَهدى وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين} فَعم بِالْمَوْعِظَةِ والشفاء وَخص بِالْهدى والمعرفة فَهُوَ نَفسه شِفَاء استشفى بِهِ اَوْ لم يسْتَشف بِهِ وَلم يصف الله فِي كِتَابه بالشفاء إِلَّا الْقُرْآن وَالْعَسَل فهما الشفاآن هَذَا شِفَاء الْقُلُوب من امراض غيها وضلالها وأدواء شبهاتها وشهواتها وَهَذَا شِفَاء للأبدان من كثير من اسقامها واخلاطها وآفاتها وَلَقَد اصابني ايام مقَامي بِمَكَّة اسقام مُخْتَلفَة وَلَا طَبِيب هُنَاكَ وَلَا أدوية كَمَا فِي غَيرهَا من المدن فَكنت استشفى بالعسل وَمَاء زَمْزَم ورايت فيهمَا من الشِّفَاء امرا عجيبا وَتَأمل اخباره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن الْقُرْآن بِأَنَّهُ نَفسه شِفَاء وَقَالَ عَن السعل {فِيهِ شِفَاء للنَّاس} وَمَا كَانَ نَفسه شِفَاء ابلغ مِمَّا جعل فِيهِ شِفَاء وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع استقصاء فوائدالعسل ومنافعه

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست