responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 289
الْقلب وَاللِّسَان وَعَسَى ان يجيئك فِي الْقسم الثَّانِي من الْكتاب مَا تقر بِهِ عَيْنك ان شَاءَ الله تَعَالَى فكم بَين عبَادَة يدل صَاحبهَا على ربه بِعِبَادَتِهِ شامخ بِأَنْفِهِ كلما طلب مِنْهُ اوصافالعبد قَامَت صور تِلْكَ الاعمال فِي نَفسه فَحَجَبَتْهُ عَن معبوده والهه وَبَين عبَادَة من قد كسر الذل قلبه كل الْكسر واحرق مَا فِيهِ من الرعونات والحماقات والخيالات فَهُوَ لَا يرى نَفسه إِلَّا مسيئا كَمَا لَا يرى ربه إِلَّا محسنا فَهُوَ لايرضى ان يرى نَفسه طرفَة عين قد كسر ازدراؤه على نَفسه قلبه وذلل لِسَانه وجوارحه وطأطأ مِنْهُ مَا ارْتَفع من غَيره فقلبه وَاقِف بَين يَدي ربه وقُوف ناكس الراس خاشع خاضع غاض الْبَصَر خاشع الصَّوْت هادئ الحركات قد سجد بَين يَدَيْهِ سَجْدَة الى الْمَمَات فَلَو لم يكن من ثَمَرَة ذَلِك الْقَضَاء وَالْقدر إِلَّا هَذَا وَحده لكفى بِهِ حِكْمَة وَالله الْمُسْتَعَان
فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يسْتَخْرج بذلك من عَبده تَمام عبوديته فَإِن تَمام
الْعُبُودِيَّة هُوَ بتكميل مقَام الذل والانقياد واكمل الْخلق عبودية اكملهم ذلا لله وانقيادا وَطَاعَة وَالْعَبْد ذليل لمَوْلَاهُ الْحق بِكُل وَجه من وُجُوه الذل فَهُوَ ذليل لعزه وذليل لقهره وذليل لربوبيته فِيهِ وتصرفه وذليل لاحسانه اليه وانعامه عَلَيْهِ فَإِن من احسن اليك فقد استعبدك وَصَارَ قبلك معبدًا لَهُ وذليلا تعبد لَهُ لِحَاجَتِهِ اليه على مدى الانفاس فِي جلب كل مَا يَنْفَعهُ وَدفع كل مَا يضرّهُ وَهنا نَوْعَانِ من انواع التذلل والتعبد لَهما اثر عَجِيب يقتضيان من صَاحبهمَا من الطَّاعَة والفوز مَالا يَقْتَضِيهِ غَيرهمَا احدهما ذل الْمحبَّة وَهَذَا نوع آخر غير مَا تقدم وَهُوَ خَاصَّة الْمحبَّة ولبها بل روحها وقوامها وحقيقتها وَهُوَ المُرَاد على الْحَقِيقَة من العَبْد لَو فطن وَهَذَا يسْتَخْرج من قلب الْمُحب من انواع التَّقَرُّب والتودد والتملق والايثار وَالرِّضَا وَالْحَمْد وَالشُّكْر وَالصَّبْر والتندم وَتحمل العظائم مَالا يَسْتَخْرِجهُ الْخَوْف وَحده وَلَا الرَّجَاء وَحده كَمَا قَالَ بعض الصَّحَابَة إِنَّه ليستخرج محبته من قلبِي من طَاعَته مَالا يَسْتَخْرِجهُ خَوفه اَوْ كَمَا قَالَ فَهَذَا ذل المحبين الثَّانِي ذل الْمعْصِيَة فَإِذا انضاف هَذَا الى هَذَا هُنَاكَ فنيت الرسوم وتلاشت الانفس واضمحلت القوى وَبَطلَت الدَّعَاوَى جملَة وَذَهَبت الرعونات وطاحت الشطحانات ومحيي من الْقلب وَاللِّسَان انا وانا واستراح الْمِسْكِين من شكاوى الصدود والاعراض والهجر وتحرد الشهودان فَلم يبْق الاشهود الْعِزّ والجلال الشُّهُود الْمَحْض الَّذِي تفرد بِهِ ذُو الْجلَال والاكرام الَّذِي لَا يُشَارِكهُ اُحْدُ من خلقه فِي ذرة من ذراته وشهود الذل والفقر الْمَحْض من جَمِيع الْوُجُوه بِكُل اعْتِبَار فَيشْهد غَايَة ذله وانكساره وَعزة محبوبه وجلاله وعظمته وَقدرته وغتاه فَإِذا تجرد لَهُ هَذَانِ الشهودان وَلم يبْق ذرة من ذرات الذل والفقر والضرورة الى ربه الا شَاهدهَا فِيهِ بِالْفِعْلِ وَقد شهد مقابلها هُنَاكَ فَللَّه أَي مقَام اقيم فِيهِ هَذَا الْقلب إِذْ ذَاك وَأي قرب حظي بِهِ وَأي نعيم ادركه واي روح بَاشرهُ فَتَأمل الان موقع الكسرة الَّتِي حصلت لَهُ بالمعصية فِي هَذَا

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست