responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 296
ذَلِك الى ضِدّه وَهُوَ لَا يشْعر وَرُبمَا ظن ان كثيرا من اسباب الْهَلَاك والعطب تُفْضِي بِهِ الى السَّلامَة والامن والعافية فَيكون هَلَاكه على يَدي نَفسه وَهُوَ لَا يشْعر وَمَا اكثر هَذَا الضَّرْب من النَّاس فَإِذا عرف الضدين وَعلم مباينة الطَّرفَيْنِ وَعرف اسباب الْهَلَاك على التَّفْصِيل كَانَ احرى ان تدوم لَهُ النِّعْمَة مالم يُؤثر اسباب زَوَالهَا على علم وَفِي مثل هَذَا قَالَ الْقَائِل
عرفت الشَّرّ لَا للشر لَكِن لتقوقيه ... وَمن لَا يعرف الشَّرّ من النَّاس يَقع فِيهِ وَهَذِه حَال الْمُؤمن يكون فطنا حاذقا اعرف النَّاس بِالشَّرِّ وأبعدهم مِنْهُ فَإِذا تكلم فِي الشَّرّ واسبابه ظننته من شَرّ النَّاس فَإِذا خالطته وَعرفت طويته رَأَيْته من ابر النَّاس وَالْمَقْصُود ان من بلَى بالافات صَار من اعرف النَّاس بطرقها وامكنه ان يسدها على نَفسه وعَلى من استنصحه من النَّاس وَمن لم يستنصحه
فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يُذِيق عَبده الم الْحجاب عَنهُ وَالْعَبْد وَزَوَال ذَلِك
الانس والقرب ليمتحن عَبده فَإِن اقام على الرِّضَا بِهَذِهِ الْحَال وَلم يجد نَفسه تطالبه حَالهَا الاول مَعَ الله بل اطمأنت وسكنت الى غَيره علم انه لَا يصلح فَوَضعه فِي مرتبته الَّتِي تلِيق بِهِ وَإِن اسْتَغَاثَ استغاثة الملهوف وتقلق تقلق المركوب ودعا دُعَاء الْمُضْطَر وَعلم انه قد فَاتَتْهُ حَيَاته حَقًا فَهُوَ يَهْتِف بربه ان يردعليه حَيَاته وَيُعِيد عَلَيْهِ مَالا حَيَاة لَهُ بِدُونِهِ علم انه مَوضِع لما اهل لَهُ فَرد عَلَيْهِ احوج مَا هُوَ اليه فعظمت بِهِ فرحته وكملت بِهِ لذته وتمت بِهِ نعْمَته واتصل بِهِ سروره وَعلم حِينَئِذٍ مِقْدَاره فعض عَلَيْهِ بالنواجذ وثنى عَلَيْهِ الخناصر وَكَانَ حَاله كَحال ذَلِك الفاقد لراحلته الَّتِي عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه فِي الارض الْمهْلكَة إِذا وجدهَا بعد مُعَاينَة الْهَلَاك فَمَا اعظم موقع ذَلِك الوجدان عِنْده وَللَّه اسرار وَحكم ومنبهات وتعريفات لَا تنالها عقول الْبشر
فَقل لغليظ الْقلب وَيحك لَيْسَ ذَا ... بعشك فادرج طَالبا عشك الْبَالِي وَلَا تَكُ مِمَّن مد باعا الى جنا ... فقصر عَنهُ قَالَ ذَا لَيْسَ بالحالي فَالْعَبْد إِذا بلَى بعد الانس بالوحشة وَبعد الْقرب بِنَار البعاد اشتاقت نَفسه الى لَذَّة تِلْكَ الْمُعَامَلَة فحنت وانت وتصدعت وتعرضت لنفحات من لَيْسَ لَهَا مِنْهُ عوض ابدا وَلَا سِيمَا إِذا تذكرت بره ولطفه وحنانه وقربه فَإِن هَذِه الذكرى تمنعها الْقَرار وتهيج مِنْهَا البلابل كَمَا قَالَ الْقَائِل وَقد فَاتَهُ طواف الوادع فَركب الاخطار وَرجع اليه
وَلما تذكرت الْمنَازل بالحمى ... وَلم يقْض لي تَسْلِيمَة المتزود تيقنت ان الْعَيْش لَيْسَ بنافعي ... إِذا انا لم انْظُر اليها بموعد وان اسْتمرّ اعراضها وَلم تحن الى معهدها الاول وَلم تحس بفاقتها الشَّدِيدَة وضرورتها

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست