responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 265
أَكَاذِيبِهِ زِيَادَاتٌ مُفْتَعَلَةٌ حَتَّى يَصِيرَ الْكَاذِبُ مَكْذُوبًا عَلَيْهِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ مَعَرَّةِ الْكَذِبِ مِنْهُ وَمَضَرَّةِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَسْبُ الْكَذُوبِ مِنْ الْبَلِيَّةِ ... بَعْضُ مَا يُحْكَى عَلَيْهِ
فَإِذَا سَمِعْت بِكِذْبَةٍ ... مِنْ غَيْرِهِ نُسِبَتْ إلَيْهِ
ثُمَّ إنَّهُ إنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ اُتُّهِمَ، وَإِنْ جَانَبَ الْكَذِبَ كُذِّبَ، حَتَّى لَا يُعْتَقَدُ لَهُ حَدِيثٌ يُصَدَّقُ، وَلَا كَذِبٌ مُسْتَنْكَرٌ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا عُرِفَ الْكَذَّابُ بِالْكَذِبِ لَمْ يَكَدْ ... يُصَدَّقُ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ صَادِقَا
وَمِنْ آفَةِ الْكَذَّابِ نِسْيَانُ كِذْبِهِ ... وَتَلْقَاهُ ذَا حِفْظٍ إذَا كَانَ صَادِقَا
وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِإِرْخَاصِ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ عَلَى وَجْهِ التَّوْرِيَةِ، وَالتَّأْوِيلِ دُونَ التَّصْرِيحِ بِهِ. فَإِنَّ السُّنَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَرِدَ بِإِبَاحَةِ الْكَذِبِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّوْرِيَةِ وَالتَّعْرِيضِ، كَمَا «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَطَرَّفَ بِرِدَاءٍ وَانْفَرَدَ عَنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ مَاءٍ» ، فَوَرَّى عَنْ الْإِخْبَارِ بِنَسَبِهِ بِأَمْرٍ يَحْتَمِلُ. فَظَنَّ السَّائِلُ أَنَّهُ عَنَى الْقَبِيلَةَ الْمَنْسُوبَةَ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي يُخْلَقُ مِنْهُ الْإِنْسَانُ، فَبَلَغَ مَا أَحَبَّ مِنْ إخْفَاءِ نَفْسِهِ وَصَدَقَ فِي خَبَرِهِ. وَكَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ هَاجَرَ مَعَهُ فَتَلْقَاهُ الْعَرَبُ وَهُمْ يَعْرِفُونَ أَبَا بَكْرٍ وَلَا يَعْرِفُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُونَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: هَادٍ يَهْدِينِي السَّبِيلَ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ يَعْنِي هِدَايَةَ الطَّرِيقِ، وَهُوَ إنَّمَا يُرِيدُ هِدَايَةَ سَبِيلِ الْخَيْرِ، فَيَصْدُقُ فِي قَوْلِهِ وَيُوَرِّي عَنْ مُرَادِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكْفِي أَنْ يَعِفَّ الرَّجُلَ عَنْ الْكَذِبِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي قَوْله تَعَالَى

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست