responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 330
فَاصْرِفْ نَوَالَكَ عَنْ أَخِيكَ مُوَفِّرًا ... فَاللَّيْثُ لَيْسَ يُسِيغُ إلَّا مَا افْتَرَسْ
وَأَمَّا النَّدْبُ فَهُوَ مَا فَضَلَ عَنْ الْكِفَايَةِ، وَزَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ طَالِبِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تَقَاعَدَ عَلَى مَرَاتِبِ الرُّؤَسَاءِ، وَتَقَاصَرَ عَنْ مُطَاوَلَةِ النُّظَرَاءِ، وَانْقَبَضَ عَنْ مُنَافَسَةِ الْأَكْفَاءِ، فَحَسْبُهُ مَا كَفَاهُ فَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ إلَّا شَرَهٌ وَلَا فِي الْفُضُولِ إلَّا نَهَمٌ، وَكِلَاهُمَا مَذْمُومٌ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي وَخَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: الدُّنْيَا كَلٌّ عَلَى الْعَاقِلِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْمُسْتَغْنِي عَنْ الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا كَمُطْفِئِ النَّارِ بِالتِّبْنِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: اشْتَرِ مَاءَ وَجْهِك بِالْقَنَاعَةِ وَتَسَلَّ عَنْ الدُّنْيَا لِتَجَافِيهَا عَنْ الْكِرَامِ. فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ مُنِيَ بِعُلُوِّ الْهِمَمِ وَتَحَرَّكَتْ فِيهِ أَرْيَحِيَّةُ الْكَرَمِ وَآثَرَ أَنْ يَكُونَ رَأْسًا وَمُقَدَّمًا، وَأَنْ يُرَى فِي النُّفُوسِ مُعَظَّمًا وَمُفَخَّمًا فَالْكِفَايَةُ لَا تُقِلُّهُ حَتَّى يَكُونَ مَالُهُ فَاضِلًا، وَنَائِلُهُ فَائِضًا.
فَقَدْ قِيلَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: مَا الْمُرُوءَةُ فِيكُمْ؟ قَالَ: طَعَامٌ مَأْكُولٌ، وَنَائِلٌ مَبْذُولٌ، وَبِشْرٌ مَقْبُولٌ. وَقَدْ قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ:
فَلَوْ مُدَّ سَرْوِي بِمَالٍ ... كَثِيرٍ لَجُدْتُ وَكُنْتُ لَهُ بَاذِلَا
فَإِنَّ الْمُرُوءَةَ لَا تُسْتَطَاعُ ... إذَا لَمْ يَكُنْ مَالُهَا فَاضِلَا
وَأَمَّا صِيَانَتُهَا عَنْ تَحَمُّلِ الْمِنَنِ وَالِاسْتِرْسَالِ فِي الِاسْتِعَانَةِ؛ فَلِأَنَّ الْمِنَّةَ اسْتِرْقَاقُ الْأَحْرَارِ تُحْدِثُ ذِلَّةً فِي الْمَمْنُونِ عَلَيْهِ وَسَطْوَةً فِي الْمَانِّ بِهِ.
وَالِاسْتِرْسَالُ فِي الِاسْتِعَانَةِ تَثْقِيلٌ وَمَنْ ثَقَّلَ عَلَى النَّاسِ هَانَ، وَلَا قَدْرَ عِنْدَهُمْ لِمُهَانٍ. وَقَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: خَدَمَك بَنُوك. فَقَالَ: أَغْنَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِابْنِهِ الْحَسَنِ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ: يَا بُنَيَّ إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَك وَبَيْنَ اللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِك وَقَدْ جَعَلَك اللَّهُ حُرًّا، فَإِنَّ الْيَسِيرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَكْرَمُ وَأَعْظَمُ مِنْ الْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ كَثِيرًا.
وَقَالَ زِيَادٌ لِبَعْضِ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست