responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 335
وَضِيقِ الصَّدْرِ وَفِيهِمَا هَدْمُ الصَّنِيعِ، وَإِحْبَاطُ الشُّكْرِ. وَقَدْ قِيلَ لِلْحَكِيمِ الْيُونَانِيِّ: مَنْ أَضْيَقُ النَّاسِ طَرِيقًا وَأَقَلُّهُمْ صَدِيقًا؟ قَالَ: مَنْ عَاشَرَ النَّاسَ بِعُبُوسِ وَجْهِهِ وَاسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَقْرِنَ بِمَشْكُورِ سَعْيِهِ تَقْرِيعًا بِذَنْبٍ وَلَا تَوْبِيخًا عَلَى هَفْوَةٍ فَلَا يَفِي مَضَضُ التَّوْبِيخِ بِإِدْرَاكِ النُّجْحِ وَيَصِيرُ الشُّكْرُ وَجْدًا وَالْحَمْدُ عَيْبًا.
وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» . وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّ الْمَلَامَةَ نَفْعُهَا ... قَلِيلٌ إذَا مَا الشَّيْءُ وَلَّى فَأَدْبَرَا
وَأَمَّا الْإِسْعَافُ فِي النَّوَائِبِ فَلِأَنَّ الْأَيَّامَ غَادِرَةٌ، وَالنَّوَازِلَ غَائِرَةٌ، وَالْحَوَادِثَ عَارِضَةٌ، وَالنَّوَائِبَ رَاكِضَةٌ، فَلَا يَعْذُرُ فِيهَا إلَّا عَلِيمٌ، وَلَا يَسْتَنْقِذُهُ مِنْهَا إلَّا سَلِيمٌ. وَقَدْ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ:
كَفَى زَاجِرًا لِلْمَرْءِ أَيَّامُ دَهْرِهِ ... تَرُوحُ لَهُ بِالْوَاعِظَاتِ وَتَغْتَدِي
فَإِذَا وُجِدَ الْكَرِيمُ مُصَابًا بِحَوَادِث دَهْرِهِ حَثَّهُ الْكَرْمُ وَشُكْرُ النِّعَمِ عَلَى الْإِسْعَافِ فِيهَا بِمَا اسْتَطَاعَ سَبِيلًا إلَيْهِ وَوَجَدَ قُدْرَةً عَلَيْهِ. رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: خَيْرٌ مِنْ الْخَيْرُ مُعْطِيهِ وَشَرٌّ مِنْ الشَّرِّ فَاعِلُهُ.
وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: هَلْ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؟ قَالَ: مُعْطِيهِمَا. وَالْإِسْعَافُ فِي النَّوَائِبِ نَوْعَانِ: وَاجِبٌ وَتَبَرُّعٌ. فَأَمَّا الْوَاجِبُ فَمَا اخْتَصَّ بِثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَهُمْ: الْأَهْلُ وَالْإِخْوَانُ وَالْجِيرَانُ. أَمَّا الْأَهْلُ فَلِمُمَاسَّةِ الرَّحِمِ وَتَعَاطُفِ النَّسَبِ. وَقَدْ قِيلَ: لَمْ يَسُدْ مَنْ احْتَاجَ أَهْلُهُ إلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَإِنَّ امْرَأً نَالَ الْمُنَى ثُمَّ لَمْ يَنَلْ ... قَرِيبًا وَلَا ذَا حَاجَةٍ لَزَهِيدُ
وَإِنَّ امْرَأً عَادَى الرِّجَالَ عَلَى الْغِنَى ... وَلَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ الْغِنَى لَحَسُودُ
وَأَمَّا الْإِخْوَانُ فَلِمُسْتَحْكَمِ الْوُدُّ وَمُتَأَكِّدُ الْعَهْدِ. سُئِلَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ الْمُرُوءَةِ فَقَالَ: صِدْقُ اللِّسَانِ وَمُؤَاسَاةُ الْإِخْوَانِ وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ مَكَان. وَقَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الْفُرْسِ: صِفَةُ الصَّدِيقِ أَنْ يَبْذُلَ لَك مَالَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَنَفْسَهُ عِنْدَ النَّكْبَةِ، وَيَحْفَظَك عِنْدَ الْمَغِيبِ. وَرَأَى بَعْضُ الْحُكَمَاءِ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست